ابني هجرني وتزوج بغير رضاي وزوجي جعلني معلقة!

2025-08-14 01:58:17 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أمٌّ لولدين وبنت، الابن الأكبر قاطعني منذ عشر سنوات (منذ عام 2015 وحتى تاريخه)، وذلك لكوني لم أقبل بزواجه من امرأة كانت تربطه بها علاقة منذ ثلاث سنوات، إضافةً إلى أنها تكبره سنًّا، ومستواها التعليمي أعلى من مستواه، كما أنها تقيم وحدها في البلد الذي نعيش فيه، وليس لها أهل هناك، ولا نعرف كيف نسأل عنها، فضلًا عن أسباب أخرى كثيرة يصعب عليَّ ذكرها الآن.

سؤالي: ما حكم ما فعله ابني، سواء من حيث زواجه بهذه الطريقة، أو مقاطعته والدته طوال هذه السنوات؟ علمًا بأن تصرفه هذا تسبب في مشاكل كبيرة أدت إلى انفصالي عن والده تقريبًا منذ فترة زواجه وحتى الآن، وقد طلبتُ الطلاق من والده مرات عديدة لاستحالة الحياة بيننا بعد ذهابه إلى بلد آخر لحضور حفل زفاف ولدي دون إرادتي أو موافقتي، لكنه لا يريد تطليقي، وأبقاني معلَّقة حتى الآن.

وأنا الآن أريد أن أطلب الخلع لرفضه تطليقي، فما الذي عليَّ فعله للحصول على هذا الخلع؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -أيتها الأخت الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يهدي زوجكِ وابنكِ لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

بدايةً: نشير إلى خطورة ما يحصل من الابن، من هذا العقوق والقطيعة بوالدته، مهما كانت أسباب هذا الخصام، فإن أولى الناس بالرجل الأم، وحق الأم مضاعف: «أمك، ثم أمك، ثم أمك»، والخوف عليه من هذه القطيعة، ومن هذه التجاوزات الكبرى التي حصلت.

نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يرده إلى الحق ردًّا جميلاً، وأن يعينه على تعويضك عن هذا الذنب الكبير، ونيل رضاكِ، فإن هذا مفتاح سعادته في الدنيا والآخرة، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يهديه.

أمَّا بالنسبة للزوج؛ فالظلم واضح، والتجاوز بيِّن وواضح جدًّا، إذ لا بد أن يفرَّق بين الحقوق، فكونه يوافق على زواج ولده، هذا أمر يعنيه ويعني ولده، لكن كونه يترككِ كالمعلقة، هذا أمر لا يمكن أن يُقبَل من الناحية الشرعية.

وأرجو أن تسمحي لنا أن نناقشكِ أيضًا في مسألة طلبكِ للطلاق، وحرصكِ على افتعال مشكلة مع الزوج بسبب جُرمٍ فعله الابن، حتى لو أيده الأب، فإن هذه العلاقة مختلفة عن تلك، ولا ندري – إذا تكلم الزوج – ما هي وجهة نظره؟ وهل أنتِ الرافضة أم هو الرافض؟ لأنه يتضح لنا أنه لا يزال يرفض الطلاق، ومعنى ذلك أنه يريد استمرار الحياة الزوجية.

ثم ما هو رأي البنت ورأي الولد الآخر في هذا الذي يحدث؟ وأتمنى أن يكون لهم دور أيضًا في الإصلاح، أولًا بين والدتهم ووالدهم، ثم بعد ذلك في تحريض شقيقهم على أن يُحسن للأم ويعود إليها، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يرده إلى الحق ردًّا جميلًا، وأن يعينكِ على تجاوز هذه الصعاب.

وقطعًا نحن لا نؤيد ما حدث من الهجران هذه المدة الطويلة، وكون الرجل يترككِ كالمعلقة، ولستُ أدري أين العقلاء من طرفكِ أو من طرفه؟ أين الدعاة؟ أين الموجهين في مثل هذه الأحوال؟ كيف يطول الخصام إلى هذه الدرجة؟

أيضًا ننبه إلى دورنا تجاه أبنائنا وبناتنا في مسألة الزواج؛ وهو أن دور الوالدين هو دور إرشادي وتوجيهي، فعلينا أن نرشد، وعلينا نوجِّه، لكن الشاب هو مَن يختار مَن يريد، خاصةً الرجل يختار المرأة التي تصلح معه.

فإذا رفض الوالد أو رفضت الوالدة، فإننا ننظر في الاعتبارات الشرعية، فإذا كانت هناك اعتبارات شرعية في دين الفتاة المطلوبة، فينبغي عند ذلك أن يطيع والديه، أمَّا إذا لم تكن هناك اعتبارات شرعية، وكانت أمورًا أخرى، فإن الأمر يكون فيه سعة في هذه الحالة، والوالد قد لا يذهب، وقد لا يوافق، لكن ما كنا نتمنى أن يطول الخصام هذه المدة الطويلة.

هل يا ترى هو يبادر وأنتِ ترفضين، أم هو الذي ذهب مع زوجته وترك والدته؟ وهنا تكون الخسارة كبيرة جدًّا، والجُرم الذي وقع فيه كبير جدًّا.

ولذلك نتمنى – نخاطبك بمشاعر الوالدين – بضرورة أن تفتحي له المجال إذا أراد أن يعود، فإن هذا الذي حصل لا يمكن أن يعود مرة أخرى، والبكاء على اللبن المسكوب لا يفيده، وسيعرف آثار عقوقه ورفضه وعناده لوالدته في حياته، لكن حتى يقوم لكِ عاونيه على أن يكون بارًّا بكِ إذا أراد أن يعود لهذه العلاقة الواجبة، بل هي أوجب الواجبات، حُسن العلاقة مع الوالدين.

وكذلك الزوج، أرجو أن تقفي مع نفسكِ وقفة، إذا كنتِ أنتِ الرافضة والمعارضة، أما إذا كان التقصير منهم، فنتمنى أن يجدوا من الناصحين من يعينهم، وإذا كان الأبناء الآخرون – أو الولد الآخر والبنت – إن كان بإمكانهم أن يتواصلوا معنا ليشرحوا، حتى نتعاون معهم في الوصول إلى حلول مناسبة بين والدهم ووالدتهم، وحتى نشجعهم على تحريض شقيقهم من أجل أن يعود إلى الوالدة، ويقبّل رأسها ويديها، ويجتهد في إرضائها.

وأخيرًا: نحن لا نؤيد مسألة الخلع أو استعجال هذا الإجراء، بل ينبغي أن تقدمي الإصلاح حتى يعود شمل الأسرة، وأيضًا ما ذنب الولد والبنت الآخرين في هذا الإشكال الذي حدث وأثَّر على استقرار الأسرة؟ نسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.

هذه وجهة نظرنا، ونتمنى أن يكون العقلاء من حولكِ لهم رأي وتوجيه ومساعدة في الحل، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

www.islamweb.net