مزاجي متقلب ولدي صعوبة في النوم، فما العلاج؟
2025-08-24 01:32:51 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منذ ما يقارب الخمس سنوات وأنا أعاني من مشكلة في النوم، فألجأ إلى مشاهدة فيديو مثلًا، أو قراءة كتاب لكي أنام أثناء فعل أي منهم؛ حتى لا أفكر قبل النوم، وبمجرد أن أنام بعد ساعة أو ثلاث ساعات أستيقظ، ثم أحاول النوم، وقد أستطيع سريعًا الدخول في النوم، أو لا أستطيع إلا بعد أكثر من ساعة، وسواء استطعت الدخول في النوم سريعًا أو بطيئًا؛ أستيقظ بعدها أيضًا، وأظل أنام وأستيقظ إلى أن يأتي الوقت الذي من المفترض أن أصحو فيه، وأكون مرهقًا بشدة، وأشعر بمزاج سيء إلى وقت النوم التالي!
في بعض الأوقات أكون في حالة لست فيها نائمًا ولست مستيقظًا، ولكن يكون عقلي يفكر، وأنا غير مدرك أني مستيقظ!
أنا أكره الحياة، وأكره البشر، وأريد الموت، ولا أستطيع التفكير في غير الأفكار التشاؤمية، مزاجي متقلب بشدة، وأشعر بالغضب والكراهية، حتى تجاه من يحبونني، معظم الأوقات ضربات قلبي تكون متسارعة، وأقلق من كل شيء، وأي موقف صغير يحدث يرفع ضربات قلبي بشدة، وأظل هكذا وقتًا طويلًا حتى وإن لم يكن الموقف يستحق، بالرغم من أن فحص القلب كان سليمًا.
أشعر بالرغبة في العزلة والاختفاء عن جميع البشر، أريد دائمًا الخلوة بنفسي!
أعتذر على الإطالة، وشكرًا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك بُنيّ عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، وهذه التفاصيل المفيدة.
بُنيّ، بالرغم من أنّك ركّزت في بداية سؤالك على موضوع النوم وصعوبته، والاستيقاظ المتكرّر خلال الليل، إلّا أنّ الموضوع الأهم ليس ما ورد في بداية السؤال عن النوم، وإنّما ما ذكرته في النصف الثاني من السؤال عن كره الحياة وكره البشر، والرغبة بالموت، والتفكير الزائد في الأفكار التشاؤمية، وتقلب المزاج، والشعور بالغضب والكراهية حتى تجاه من يحبّونك.
ثم وصفت تسارع ضربات القلب، والشعور بالقلق أمام أي موقف وإن كان صغيرًا، بالرغم من أنّ الفحص الطبي أثبت أنّك ليس لديك مرضٌ في قلبك -ولله الحمد-، وذكرت أنّك تشعر بالرغبة في العزلة والاختفاء عن البشر، وأنّك تحب الخلوة بنفسك.
بُنيّ، إنّ ما وصفته في الجزء الثاني من السؤال يستحقّ حقيقةً التقييم، فالموضوع ليس موضوع الأرق والتوتر فحسب، وربما هو أعمق من هذا.
ابني الفاضل: لا تحتاج أن أذكّرك بأنّ حياتنا مسؤولية أمام الله -عزّ وجل-، وهي نعمةٌ منه تعالى، وأنت تُدرك هذا لا شك، إلّا أنّ الحياة أحيانًا، والظروف المعيشيّة -سواء الأسرية أو غيرها- قد تكون صعبة وتفرض علينا تحدّيات كبيرة، وربما هي التي أوصلتك إلى ما ذكرته في سؤالك.
بُنيّ، أطلب منك رجاءً ألَّا تتأخَّر أو تتردّد في الحديث مع إحدى الجهات التي سأذكرها لك:
أوّلًا: إذا عندك قريبٌ -كأخٍ، أو ابن عمّ، أو ابن خال، أو شخص تثق به- وعنده خبرة في الحياة، أن تفتح له قلبك وتتحدّث معه.
ثانيًا: في كثير من المدارس هناك أخصائيون نفسيون أو مرشدون نفسيون، فيمكنك أن تتحدّث معه؛ لأنّه يجب أن نصل قبل معالجة موضوع النوم والأرق، إلى التشخيص المناسب لهذه الأفكار والمشاعر السلبية التي تشعر بها: هل هو اكتئاب نفسي يحتاج إلى تشخيص ثم علاج؟ أم هو شيء آخر؟ هل ما تشعر به هو ردّة فعل لظروف صعبة أو غير ذلك؟ فهذا أيضًا يجب أن نُشخّصه ثم نحاول أن نعالجه.
ثالثًا: إن تعذّر الأمران الأوّل والثاني، فلا تتردّد ولا تتأخّر في الحديث مع طبيب، بغضّ النظر عن التخصّص، وإن كان طبيبًا عامًا -أي طبيب الأسرة- فيمكنك أن تتحدّث معه، وهو وإن لم يكن طبيبًا نفسيًا فإنّه يمكن أن يرشدك إلى ما هو مطلوب.
فكما قمت بفحص قلبك، فمن مسؤوليتك أيضًا أن تطلب من الطبيب تقييم الحالة النفسيّة، إمّا أن يضع التشخيص، أو يحيلك إلى طبيب نفسي متخصص -كما ذكرت لك- أوّلًا: لنضع التشخيص النفسي المناسب، سواء كان اكتئابًا أو غيره، ومن ثُمّ نأتي إلى العلاج.
أخيرًا بُنيّ: إنّ الأرق وصعوبات النوم التي تعاني منها أُرجّح أنّها نتيجة للحالة النفسيّة التي أنت عليها، والتي -كما ذكرتُ لك- علينا أن نقيِّمها، ثم نشخّصها، ثم نعالجها، فإذا عالجنا الحالة المزاجيّة، فإنّ الأمور الأخرى ومنها النوم تتحسّن عندك -بإذن الله-.
فأرجو -بُنيّ- ألّا تتردّد أو تتأخّر في اتّخاذ إحدى هذه الخطوات، وهذه خطوات ليس بالضرورة أن يُلغي أحدها الآخر، بل انظر في ظروف حياتك أيّها الأريح والأنسب لك، ثم تبادر في طرق الباب لنعرف الحالة التي تعاني منها.
داعين الله تعالى أن يشرح صدرك ويُيَسّر أمرك، ويكتب لك تمامَ الصحّة والعافية.
وبالله التوفيق.