زوجي يرفض الاعتراف بزواجه من أخرى ويحرمني حقي!
2025-09-07 03:56:21 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تزوّجنا منذ ثماني سنوات، وزوجي يعمل خارج البلاد، وأنا أقيم معه، وقد رزقنا الله بثلاثة أولاد.
بعد ولادتي لطفلنا الثالث، سافرت إلى بلدي؛ لأن زوجي كان يخطط للاستقالة والعودة إلينا بعد ستة أشهر، لكن بعد ثلاثة أشهر من عودتي، حصلت مشاكل في بيت العائلة، فاتصلت بزوجي وطلبت منه أن يأتي ليأخذنا، لكنه رفض، رغم أنني بكيت كثيرًا، وكان يقول: أنتِ مرتاحة هناك، وأنا هنا مرتاح؛ لأني لا أخاف عليكم، وأهلك يهتمّون بك وبالأولاد، علمًا أن ظروفه المادية -ما شاء الله- جيدة، ولديه شقة وسيارة، ومع ذلك مرّت ثلاثة أشهر أخرى، ولم يأتِ.
بدأت الحرب، وبعد شهرين منها، تزوّج زوجي سرًّا دون أن يُخبر أحدًا، في ذلك الوقت، كنت أنا وأولادي تحت القصف، ثم نزحتُ بعد ستة أشهر إلى الولايات، واستخرجت جوازات السفر لي ولأولادي.
شعرتُ أنه غير راضٍ عن ذلك، لكننا سافرنا إليه بعد عام، وهناك اكتشفتُ أنه تزوّج سرًّا، واجهته ولمته كثيرًا، لكنه أنكر، وكان يحلف بالمصحف أنه لم يتزوج، رغم أنني رأيت الإثبات بنفسي، ولم أخبره أنني أعلم.
لمته كثيرًا، وبكيت كثيرًا، فقال لي زوجي: إن الرجل يتزوج بسبب إهمال زوجته، ولم يُخبرني حينها أنه قد تزوّج بالفعل، ثم توقّفتُ عن الحديث معه في هذا الموضوع، وعدتُ أتعامل معه بشكل طبيعي.
لكن بعد أن مرضت، لم يَعُد يطلب العلاقة الزوجية، إلا إذا طلبتُها أنا، وأخبرني أن عليّ أن أبلغه إذا رغبتُ بذلك، ولم يَعُد يتقرّب مني، وأصبح يُعاملني كأخته، ولم يقترب مني منذ ثلاثة أشهر.
وقبل معرفتي بزواجه، كنتُ قد حَملت، فأصبح يقول: إن سبب ابتعاده عني هو الحمل، وأنه لا يرغب بالاقتراب مني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جميلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بكِ -أختنا الفاضلة- في الموقع، وشكرًا لكِ على حُسن العرض للاستشارة، ونسأل الله أن يُعيد الوئامَ والطمأنينةَ والمودَّةَ والرحمةَ بينكِ وبين هذا الزوج، وأن يُصلح لنا ولكم النيَّةَ والذريَّةَ.
لا شكَّ أنَّ الذي حصل يترك آثارًا على النفس، ولكن هذا لا يعني أن نتوقَّف عند اللحظات السيئة، والأيام المظلمة، بل ينبغي أن ننظر إلى الحياة بأملٍ جديد، وثقةٍ في ربِّنا المجيد، ونسأل الله أن يُبعِد الحروبَ والآفاتَ والمصائبَ عن ديار المسلمين، وأن يُلَمَّ شمل الأزواج بالزوجات، حتى يجد الأبناء حظَّهم وحقَّهم في الرعاية والاهتمام، في ظلال بيتٍ فيه أبٌ وفيه أمٌّ.
وليت الرجال يُدركون أنَّ السعيَ في طلب الرزق، والبُعدَ عن الأسرة، ثمنُه غالٍ، وأن الإنسان ينبغي أن يجتهد في أن يكون مع أهله: الزوجة مع زوجها ومعهما الأبناء، هذا هو الوضع الطبيعي الذي ينبغي أن يحرص عليه كل إنسانٍ في زواجه.
ونتمنى ألَّا تقفي طويلًا أمام الذي حدث، طالما أنكر أنَّه تزوَّج سِرًّا، واستقبلي حياتكِ بصورةٍ جديدة، وكوني عروسًا متجدِّدة، ولا تحاولي أن تتذكَّري الماضي؛ لأنَّ هذا يُعيد إليكِ الأحزان، وهذا ما يُسعد عدوَّنا الشيطان، الذي همُّه أن يُحزن أهلَ الإيمان، وليس بضارِّهم شيئًا إلَّا بإذن الله.
والإنسان يتعب جدًّا عندما يبكي على اللبن المسكوب، فما مضى لا يمكن أن يعود، كما أنَّ اللبن لا يمكن أن يعود بعد أن يراق على الأرض، ولذلك أرجو أن تكوني واقعيَّةً، وتنظري إلى هذه الأمور بنظرةٍ جديدةٍ، وبنظرةٍ مختلفة، فإن تأخَّر الزوج عن الاقتراب منكِ، فاقتربي أنتِ، ونحن ندرك أنَّ هذا صعبٌ على الزوجة، لكن أيضًا من المهم أن تقوم بهذا الدور، وهذا مما أباحته الشريعة.
ونسأل الله أن يكتب لكِ السلامةَ من هذا الحمل، ونؤكِّد أنَّكِ بحاجةٍ إلى خُلوٍّ تامٍّ من التوترات والمشاكل والأحزان؛ لأنَّها في فترة الحمل تنعكس على الجنين، فتُلحق به ضررًا بالغًا، وتضرُّ الأمَّ كذلك، فلذلك نتمنى أن تجتهدي في تجاوز هذه الصعاب، وتقربي منه إذا كان يُلبِّي طلبك عندما تبادرين، فلا مانع من ذلك، ولا تتركي الفرصة للشيطان.
وحاولي أن تُعطيه ثقةً، وتُصدِّقيه إذا تكلَّم، وهذا من المعاني المهمَّة التي تجعل الزوج يُقبل، لكن إذا كان هو يحلف ويزعم وأنتِ تُظهرين أنَّه غير صادق، فهذا لا يُشجِّعه على الصدق، ولا يدفعه إلى مزيدٍ من القرب منكِ، فاجتهدي في القُرب منه، والإحسان إليه، وحاولي أن تُكلِّفيه بالقيام ببعض المهام تجاه أبنائه، واربِطي به الأبناء؛ حتى يكون عونًا لكِ في رعايتهم.
نسأل الله أن يُؤلِّف القلوب، وأن يغفر الزلَّات والذنوب، وفعلًا بعض الأزواج قد يتأخرَّون في فترة الحمل، مع أنَّهم ينبغي أن يُدرِكوا أنَّ المرأة في هذه الفترة، خاصةً بعد الشهور الأولى، تحتاج إلى مزيدٍ من القُرب والمودَّة، ومزيد من العلاقة -يعني في كثيرٍ من الأحيان-.
نسأل الله أن يُعينكما على الخير، وأن يُؤلِّف قلوبكما، وأن يغفر الزلَّات والذنوب، وكوني حريصةً دائمًا على أن تُبرمجا حياتكما بطريقةٍ واقعية، ونسأل الله -تبارك وتعالى- لنا ولكما التوفيق والسداد.