زوجي يشرب الخمر وينكر .. كيف أتعامل معه؟

2025-10-05 03:20:37 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة مغتربة في بلد أوروبي، ولديَّ ثلاثة أولاد، وكنت أرسلتُ لكم استشارة قبل وقت قصير بخصوص أمري، لكنكم رددتم بردّ فهمتُ منه أنكم لم تفهموا سؤالي جيدًا.

أنا في ضيق شديد من أمري، بعد أن اكتشفتُ -صدفة- أن زوجي يشرب الخمر خلسة في الليل، بعد أن وجدتُ زجاجة الخمر بيده ذات ليلة، وعندما واجهته أنكر واتهمني بالكذب، وقال: إنه ليس بخمر، مع أني متأكدة، وقد قرأتُ نسبة الكحول على الزجاجة بيده حينها، ومع ذلك سامحته بناء على كلامه، لأنني أريد أن أحافظ على بيتي.

بعد فترة قصيرة اكتشفتُ أنه على علاقة بفتاة أخرى ويريد الزواج منها، وعندما واجهته أنكر عليَّ غضبي، وقال: إن ذلك من حقه، وطلب مني الطلاق المدني، وأن أبقى زوجته على سُنّة الله، لكي يستطيع الزواج من الأخرى، وهنا كانت صدمتي الكبيرة، وفقدت السيطرة على نفسي وأعصابي وانهرت تمامًا، فغيّر رأيه حينها عندما رأى حزني الشديد، ووعدني ألَّا يعود لذلك مرة أخرى، وأنه لا يريد غيري، فسامحته أيضًا، وحاولتُ بشتى الطرق إرضاءه منذ ذلك الوقت.

بعد أقل من أسبوع وجدته نائمًا وبيده زجاجة بيرة مرة أخرى، فصُدمتُ صدمة كبيرة منه، ورفضتُ الحديث معه تمامًا، وأنكر عليَّ غضبي، وكذَّبني تمامًا فيما رأيت، وأحضر زجاجة بيرة بدون كحول أخرى، وقال: إنها هي التي كانت بيده، وإنها بدون كحول، لكن لم تكن نفسها، وناقض نفسه في الحديث، ثم قال بعدها: إنه أفرغ البيرة الخالية من الكحول داخل الزجاجة الأخرى للبيرة التي تحتوي على الكحول، ولا يعرف لماذا فعل ذلك -هذا على كلامه- وأنا لم أصدقه أبدًا، ولا أقدر على مسامحته بسبب كذبه ومعصيته، وبسبب إصراره على إيذائي نفسيًا؛ فهو يحاول إقناعي بأنه يُتهيأ لي، ويحلف بالله أنه لم يشرب، وأنا متأكدة مما رأيتُ وقرأتُ نسبة الكحول بنفسي، ليزرع الشك والوسواس في قلبي، كي أنسى وأتراجع.

وصلتُ إلى مرحلة لا أعرف كيف أتصرف فيها، أسير في المنزل، وأشم رائحة الخمر في كل مكان بسبب قهري، وليس لديَّ أحد أستشيره أبدًا، وأهلي في وضع صعب جدًّا في بلدهم، ولا أستطيع اللجوء إليهم أبدًا.

أرجوكم أفيدوني كيف أتصرف، فأنا مدمَّرة تمامًا، ولا أعرف أين أتجه بحياتي معه، لا أستطيع مسامحته، ولكن أنظر إلى أطفالي بعين أخرى، هل أموت من أجلهم؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rahma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، ونحيي هذا الحرص، وشكرًا لك على رفضك الخمر، فإنها أم الخبائث وأم الكبائر، ونسأل الله أن يهدي هذا الزوج إلى أحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي إلى أحسنها إلَّا هو.

ونحب أن نؤكد لك أن ما يحصل خطأ بلا شك؛ لأن الخمر محرمة، وهي كبيرة من الكبائر، لكن عليك الاستمرار في دعوته، والنصح له، وانتظار بشارة النبي ﷺ، "لأن الله يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم"، فكيف إذا كان الرجل هو زوجك؟

كنا أيضًا بحاجة إلى أن نعرف الإيجابيات التي عنده: علاقته بأبنائه؟ هل يقوم بالإنفاق؟ هل يقوم بما عليه من واجبات؟ حتى نرى الصورة كاملة، هل يصلّي لله -تبارك وتعالى-؟ هل يستمع للنصح ويتعظ أحيانًا ثم يعود؟ نحتاج إلى معرفة ذلك؛ فتلك مؤشرات نستطيع من خلالها تقديم النصح لك، وأنت صاحبة القرار النهائي.

لا أدري هل كنت على علم بهذه الصفات قبل الارتباط به، أم أن هذا الأمر ظهر بعد فترة؟ لكن نذكرك بأن الأمور تحتاج منك إلى شيء من الصبر؛ لوجود هؤلاء الأطفال، والاستمرار في النصح له، وتذكيره بالله -تبارك وتعالى- والقيام بما عليك كاملًا تجاهه، وربطه بأبنائه، وجعله يتحمل المسؤولية تجاههم؛ لأن هذا من الأمور المهمة، فالطلاق قد يتعلق بك، لكن الأبناء سيتضررون، ولذلك نحن نحتاج إلى أن نرى الصورة كاملة.

نريد أن نعرف ما هي الإيجابيات التي عنده؟ هل يصلي؟ هل يقوم بالمصروف تجاه والديه؟ هل يوفر لكم احتياجاتكم كأسرة؟ بعد أن شاهدنا هذه السلبيات الكبرى، والتي أخطرها كما قلنا: شرب الخمر والكذب؛ لذلك نريد أن نرى الصورة كاملة.

إذا كان الوضع عند الأهل لا يحتمل، والظروف صعبة، أيضًا لا نؤيد الاستعجال بطلب الطلاق أو الرضا به، ولكن اجتهدي في أن تقومي بما عليك، واستمري في تذكيره ونصحه، وتذكيره بالله -تبارك وتعالى- وتخويفه من عقاب الله -تبارك وتعالى-.

ونحن نلاحظ أنه يحاول أن يُقنعك، وأنه يُنكر، -رغم أنه أنكر أشياء واضحة كالشمس في ضحاها- لكن مجرد الإنكار اعتراف منه على أن ما يفعله خطأ، وهذه خطوة مهمة في التصحيح.

فالذي ننصحك به هو: عدم الاستعجال في طلب الطلاق، وتغيير طريقة التعامل معه، والاجتهاد في النصح له، ومطالبته بألَّا يأتي بالخمر حتى لا يتضرر الأبناء، فإن لمس هذا الوتر من الأهمية بمكان.

تحميله مسؤولياته المالية والإنفاق تجاه أبنائه، ومحاولة ادخار بعض الأموال للأبناء؛ كل هذه الأمور والخطوات أرجو أن تتخذيها، وبعد ذلك تواصلي مع موقعك، حتى نقيم الوضع من جديد، بعد أن نرى الإيجابيات إلى جوار السلبيات، وبعد أن نرى منك طريقة جديدة في محاولة البذل والهداية، والنصح له والدعاء له.

وبعد ذلك أنت صاحبة القرار، إلَّا أننا لا نفضل الاستعجال بطلب الطلاق مع وجود هؤلاء الأطفال، قبل أن نعرف ما الذي سيكون عليه الأبناء؟ وما هو مصيرهم؟ وكيف ستتعاملون معهم؟ وكيف ستكون أموركم بعد الطلاق؟ لا بد أن ننظر لعواقب الأمور ومآلاتها، لا يُتخذ القرار هكذا، ونسأل الله أن يهديه، وأن يرده إلى الحق والخير والصواب، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

وفي النهاية أنت صاحبة القرار، لكن هذا إرشادنا لك، وأنت في مقام بناتنا، وخاصة أنت في ظرف خاص، وفي بلدٍ بعيدٍ عن أهلك، وظروف الأهل صعبة، وبين يديك أطفال؛ لذلك كل هذا ينبغي أن يُؤخذ في الاعتبار، ونسأل الله أن يهديه إلى الحق والخير والصواب.

www.islamweb.net