أثر العنف الأسري الذي تعرضت له زوجتي، كيف أتعامل معه؟
2025-10-08 03:01:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تزوجت منذ ثلاث سنوات بفتاة ظاهرها أنها سويةً، بعد أيام من الزواج اكتشفت أن زوجتي قد تعرضت لعنف أسري، عنف فعلي بالضرب، وعنف قولي بالكلام القبيح؛ هذا ما جعلها مريضةً بعدة اضطرابات، وبنوبات الهلع الشديدة، ومنذ بداية زواجي لغاية اليوم وأنا أعيش معها في هم وغم، وقد رزقنا الله بطفلة.
مرضها جعلها عنيفةً وسيئةً؛ تضرب، وتصرخ، وتقطع أشياءها، وتكسر، وتفعل أي شيء إذا أصابها القلق، وكثيرة العناد، وسببت لي الكثير من المشاكل مع عائلتي، حتى أنني تركت السكن مع عائلتي، واكتريت بيتًا بعيدًا عنهم، ولكن ما زلت أعيش معها كل يوم نفس المعاناة، وحينما تهدأ تقول لي: إن هذا بسبب ما عاشته في طفولتها، وكذلك بسبب ما عاشته معي في أول الأمر عندما كانت تتشاجر معي، وكذلك حين تتشاجر مع عائلتي.
هي كثيرة العدائية، وتفعل أشياء لا تخطر ببال، فإذا غضبت قد تحمل ابنتنا وتخرج من البيت في أي وقت من الأوقات، بدون أي وجهة معلومة.
المشكلة أنني لا أستطيع حتى أخذها إلى بيت أمها؛ لأن أمها ما زالت تعنفها كما تعنف أخواتها الأخريات، وكم من مرة حدث ذلك مع أمها، ولا أدري ماذا أفعل! هل أردها لأمها؟ أعرف أنها سوف تكمل عليها وعلى ابنتي إن تركتها عندها.
في الحقيقة لقد تعبت، والآن تريد مني العودة إلى منزلنا السابق، وأنا أعلم يقينًا أننا إذا عدنا ولو ليوم واحد فسوف يبدأ شجار كبير بينها وبين عائلتي؛ لأنها تعرضت من قبل لصدمات نفسية من شجارها السابق، كما أنه يصعب علي تطليقها؛ أولًا: لما مرت به حياتها، وثانيًا: علمي بأن أمها لن ترحمها، وثالثًا: سوف يحدث لابنتي ما حدث لها، وفي نفس الوقت أصبح العيش معها صعبًا؛ فقد مرضت بسببها بالخوف والقلق، ووالله لقد احترت، فبماذا تنصحوني؟
للعلم: أنا لم أذكر عدة أشياء، واختصرت قدر المستطاع، وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو جويرية حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أيها الابن الكريم، والأخ الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحُسن عرض السؤال، ونسأل الله أن يعينك، وأن يرزقك الصبر، وأن يكتب لزوجتك تمام العافية، وأن يكتب لها الأجر، وأن يُعينكما على تربية هذه البُنية، ونسأل الله -تبارك وتعالى- لنا ولكم التوفيق والسداد.
سعدنا جدًّا بهذا الحرص منك على إسعاد هذه الزوجة، والصبر على مرضها، والصبر على مواقفها الصعبة والعجيبة، ونبشرك بأن هذا ثوابه عند الله -تبارك وتعالى- عظيم.
وطبعًا نحن لا نؤيد العودة إلى بيت العائلة، ولا نؤيد أيضًا الاستعجال في تطليقها، ولكن نتمنى أن تتواصل مع الأخصائيين من الأطباء، وتحاول أن تعرف مآلات هذه التصرفات والتطورات التي يمكن أن تحدث لها، والوسائل المناسبة لعلاجها، ولعلك تساعدنا بذكر الوسائل التي تشعر أنها تهدِّئها إذا قمتَ بها، وكذلك الأشياء التي تُثيرها وتثير غضبها، وتجعلها تتردى، وتتذكر ماضيها، فلا يوجد إنسان أعلم بحالها وأقدر على جلب الهدوء إليها منك أنت؛ ولذلك نتمنى أن تستخدم كل هذه الوسائل، ونبشرك بأن ثوابك عند الله عظيم.
ومرةً أخرى، أرجو أن تدرس كل هذه التصرفات: رغبتها في أن تعود إلى البيت، أو رغبتها في أن تنفصل، أو رغبتها في أن تكون في مكان بعيد عن الجميع؛ كل هذه الأمور ينبغي أن تُحاورها فيها بهدوء، وتبيِّن لها أنه من المصلحة أن تكونوا وحدكم، وتديروا حياتكم بالطريقة التي تعجبكم؛ لأن الخروج من بيت العائلة فيه معاناة بلا شك، وبعد ذلك العودة ستجدد الجراح، ويتوقع -حسب المرض وحسب ما ذكرت- أن يتجدد الخصام بين الفينة والأخرى، خاصةًً وأن فرص الاحتكاك كبيرة بين النساء.
فنسأل الله أن يعينك على الخير، ونحن نكرر لك الشكر على الصبر، ولكن نتمنى أيضًا ألَّا يؤثر هذا عليك سلبًا، ومما يعينك على ذلك: تذكر الثواب الذي ينتظرك عند الله -تبارك وتعالى- والأجر العظيم على هذه المعاناة من أجل علاج هذه الزوجة.
وأسعدنا أيضًا وضعك في الاعتبار مصلحة الطفلة الصغيرة التي لا تريد لها أن تنشأ بنفس الطريقة، وإذا كان هناك من أهلها من العقلاء والفضلاء من يستطيع أن يعاونكم، فلا مانع من الاستعانة بهم، ومشاورتهم إذا كان ذلك ممكنًا، أمَّا إذا كانوا سلبيين، فخير لك أن تبتعد، كحال والدتها التي –كما ذكرت– أنها سبب المشكلة، ولا تزال إلى الآن هي تُعنِّفها وتؤذيها، والأذى الآن قد يتجاوز ويشمل البُنية.
فنسأل الله أن يُعينك على تجاوز هذه الصعاب، ونوصيك بتقوى الله، ومزيد من الصبر، والتواصل مع الأطباء والرقاة الشرعيين، وشغلها بالمفيد، وبتفادي الأسباب التي تثير عندها التوتر والغضب؛ لأنه إذا عرفت هذه الأشياء، وتفاداها الإنسان؛ فإنه بلا شك ستقل المشاكل.
نسأل الله أن يعينك، وأن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يزودك بالصبر والتقى.