كيف أعود إلى ما كنت عليه من تدين وإيمان وصلاح؟

2025-10-08 03:24:12 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر ١٨ سنة، والآن أدرس في السنة الأولى بكلية العلوم في محافظتي، وبفضل الله، أرتدي الزي الشرعي (خمارًا ونقابًا ولباسًا واسعًا) كنت منذ سنة أو أكثر -ولا أقصد سنة الثانوية، بل قبلها- أُعرف بـ"المتدينة"، نعم كما أقول تمامًا، وسأشرح كيف كنت.

كنت لا أستطيع النوم ليلًا إلا بعد أن أصلي قيام الليل، ولا أشعر بالراحة أبدًا، حتى وإن دخلت السرير، إلا بعد الصلاة، وكنت لا أترك الأذكار، لا أذكار المساء ولا الصباح، ولا حتى أذكار النوم أو الأذكار بعد الصلاة.

وكنت أداوم على حفظ القرآن، حتى وصلت إلى المرحلة الثانوية، فلم أعد أحفظ شيئًا، ثم لم أستطع إكمال الحفظ، رغم أنه لم يتبق لي سوى ثلاثة أجزاء وخمس صفحات، ولا أدري كيف أعود وماذا أفعل؟!

كنت أصلي الصلاة في أوقاتها تمامًا، بمجرد سماع "الله أكبر"، أو أجهز نفسي قبل الأذان، أما الآن، فأنا أصلي، نعم لا أجمع الصلوات، ولكنني لست كما كنت في البداية.

كنت أغض بصري بشدة، حتى إنني إذا نظرت إلى شيء محرم دون قصد، يحدث شيء في جسدي وأشعر بالضيق، أما الآن، فقد أطلقت بصري كثيرًا.

لا أدري ماذا أفعل؟ وما هذا التغيير العجيب الذي حدث؟ وكيف يحدث ذلك؟ ولماذا يحدث؟ كيف يأتي فجأة وأتغير في لحظة؟ لماذا تغيرت؟ لم أعد أدري.

أفيدوني، أرجوكم، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتنا الفاضلة: الكريمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من أعظم ما ينتاب الإنسان من المشاعر ألمه على تغيُّر حاله من الحرص على الطاعات إلى التفريط فيها، ومن تذوق حلاوة القرب من الله إلى ألم الوحشة في البعد عنه، بل إن هذا الألم من علامات صحة وسلامة إيمان الإنسان، كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ) رواه أحمد وصححه محققو المسند.

ومن أهم ما ينبغي أن تفهميه -أيتها البنت الموفَّقة- أن الإنسان في بدايات استقامته، تكون عنده همة وعزيمة، وحماس للطاعات الواجبة والمستحبة، ثم يحصل شيء من فتور هذه الهمة، وهذا الفتور أمر معتاد، ما لم يصل إلى التفريط في الواجبات، والتساهل في المحرمات، وعلى هذا دل قوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ)، رواه ابن حبان، وصححه الألباني. فاحرصي على ما جاء الإرشاد إليه في الحديث من أن يكون الفتور في حدود هَدْي وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ألا يصل التقصير إلى التفريط في الواجبات.

ولا شك أن الأسئلة المتألمة التي ختمتِ بها سؤالك، تحمل رغبة وحرصاً على التدارك والعودة إلى تلك الحال المليئة بالطاعات، التي كنتِ عليها، فينبغي أن يقودكِ هذا الألم والندم إلى مراجعة أسباب التدهور، والسعي في معالجتها بعلم وحكمة.

ولا بد من أن تفرقي بين ما كان التغيُّر فيه قد وصل إلى درجة تجاوز الحد -كما في إشارتك لموضوع إطلاق النظر في الحرام- وبين ما كان التغيُّر فيه تقصيرًا في مستحبات مثل: حفظ القرآن، وأذكار اليوم والليلة، وقيام الليل، والتبكير إلى الصلاة، فلا بد من فهم هذه الدرجات، حتى تحرصي على البدء بعلاج ما كان فيه تجاوز للحد، ودخول في الحرام، أو تقصير في الواجب، ثم تتدرجين بعد ذلك لاستعادة المستحبات التي أصابها الفتور.

ومما يُحمد لك أن الشيطان لم يدخل عليك بتزهيدك في الزي الشرعي، بسبب تراجع مستوى إيمانك؛ فاستفيدي من هذا المظهر الشرعي، لتشجعي نفسك على الترقي في درجات الطاعات، ولا تسمحي للشيطان أن يزرع في قلبك اليأس من تحسين حالك، وتصحيح مسارك، بل استعيني على العودة لحالك السابق بالانكسار بين يدي الله تعالى، والتبرؤ من حولك وقوتك، ومعالجة ما قد يكون دخل عليك من إعجاب بعبادتك، أو نحو ذلك من النيات، التي قد تكون سببًا في سلب بعض نعمة الاستقامة منكِ.

صادقي من الزميلات من تعينك على الطاعة، وابذلي النصح والدعوة لمن حولك، فهي صورة من صور شكر نعمة الهداية وسبب في زيادتها، وكوني قريبة من برامج ومجالس الوعظ والعلم والخير، سواء كانت مباشرة، أو عبر وسائل التواصل، واستعيني بالله ولا تعجزي، ولا تفرحي شيطانًا يريد أن يحقق فيكِ قَسمه بالإضلال والإبعاد.

حفظك الله وزادك هداية، واستقامة، وتوفيقاً.

www.islamweb.net