أبحث عن الكمال في كل شيء وأنا كسول منعزل كثير النسيان!

2025-10-27 03:39:34 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب في المرحلة الثانوية، وأسكن في المسكن الداخلي التابع للمدرسة، أرجو منكم المساعدة.

عشت منعزلًا لفترة طويلة، ثم عدت إلى بلدي الأم قبل سنوات، لا أفعل ما يفعله أقراني هنا من قول فاحش، أو مصارعة، أو تقليد قصات الشعر، وكنت ممتازًا دراسيًا، أحب التخطيط، وطموحًا.

مشكلتي الأولى هي عدم الخبرة في أي شيء، وذلك بسبب عزلتي، وكثرة نسياني، وفقداني لأغراضي، والمشكلة الثانية هي الكسل الشديد؛ فأخواتي أو والدتي هنَّ مَن يَقُمنَ بأعمال المنزل، ولم أتعلَّم شيئًا، ممَّا تسبب في كسلي منذ الصغر، وكثرة بقائي في البيت، والآن، أصبحت أكره كل ما يتعلق بتطوير الذات، رغم أنني أضع أهدافًا كثيرة، وألتزم بها لأيام، ثم أتوقف وأشعر بالحزن.

ولو قلتم لي: التزم بأهداف صغيرة، فأقول لكم أني قد حاولت تطبيق ما ورد في كتاب "العادات الذرية" لجيمس كلير، لبناء عادة الدراسة اليومية، لأنني من الذين يدرسون في اللحظات الأخيرة، لكنني فشلت بسبب فقدان الرغبة بعد 35 يومًا، طبقت ذلك، لكنه جلب لي عدم راحة، إذ تأتيني أفكار مؤلمة عن الكمالية، ومستقبل هذه العادة، فإما أنني سأفشل قطعًا، أو أنني أريد أن أقفز من دقيقتين إلى ساعة في أقرب وقت، مما يسبب لي مشاعر متراكمة.

العادات الكبيرة تسبب لي قلقًا شديدًا، وكأن دماغي ينفجر، أمَّا العادات الصغيرة فتجلب أفكارًا كثيرة في آن واحد عن الكمالية، وعدم الصبر، وغير ذلك.

ومن مشاكلي الأخرى كثرة الكلام، كالببغاء، وعدم الخبرة في الحياة الاجتماعية، ويعتبرني البعض مسكينًا، متسامحًا، ضعيفًا، لأنني لست مثلهم، فيستغلونني، أو يمزحون معي مزاحًا ثقيلًا، وما أنقذني بينهم هو أنني كنت محترمًا وشيخًا، أُصلي وأدرس، وألتزم الصمت، لكن الآن أصبحت كثير الكلام.

حاولت منذ سنوات التوقف عن كثرة الكلام، ونجحت لأربعة أيام، ثم في اليوم الخامس عدت للكلام المفرط، وإذا حاولت مجددًا، أجد أن الكلام يخرج مني دون أن أشعر، ولا أدركه إلَّا بعد خروجه.

أنا انطوائي، عديم الخبرة، كسول للغاية، تركت الصلاة، وأعاني من وسواس قهري، ودماغي ربط كل ما يتعلق بتطوير الذات أو التغيير بأنه خطر.

وأعاني من مشكلة عويصة، وهي أنني لا أستطيع فعل أي شيء، فعندما أبدأ في عمل ما أشعر بالقلق، وتأتيني أفكار تقول: "يا ليتني أنجز هذا بسرعة" أشعر بألم عند محاولة إكمال العمل، ربما بسبب الكمالية؟ ربما لأنني أشعر بالذنب؟ لا أدري.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية.

أخي الكريم، رسالتك واضحة جدًّا، وقطعًا لديك قلق وسواسي، وهذا أفقدك الدافعية، وربما يكون قد سبب لك شيئًا من عُسر المزاج، وقد أجبت على استشارتك التي رقمها (2548926) فأرجو أن تكون قد أخذت بالنصائح التي ذكرتها لك أيها الفاضل الكريم.

الانطوائية في الغالب هي شعور مكتسب، وكثيرًا ما يخلط الناس بين الانطوائية والحياة والرهاب الاجتماعي.

أيها الفاضل الكريم: أنت مطالب بأن تتوقف عن النظرة السلبية نحو نفسك، هذا مهم جدًّا، ولا تَقُدْ نفسك حسب مشاعرك وأفكارك السلبية، إنما أرجو أن تقود نفسك حسب أفعالك الإيجابية، حتى وإن كنت كسولًا هنالك أشياء لا بد أن تقوم بها، وإذا لجأت لحسن إدارة الوقت سوف تجد أن أحوالك قد تغيرت جدًّا.

أولًا: تجنب السهر، واحرص على النوم الليلي المبكر.
ثانيًا: صلِّ صلاة الفجر في وقتها، هذه بداية عظيمة جدًّا لليوم.
ثالثًا: ادرس في فترة الصباح، ومارس بعض التمارين الإحمائية.
رابعًا: خطط بعد ذلك لبقية اليوم، اجعل لنفسك خارطة ذهنية تتبعها فيما يتعلق بإدارة وقتك.

هذه الأشياء البسيطة حاول أن تطبقها، وبالنسبة للنظرة السلبية نحو الذات: لا أحد يستطيع أن يغيرها، أنت الذي تغيِّرها، والحمد لله، أنت في السكن الداخلي ملتزم سلوكيًا، وهذا أمرٌ عظيم جدًّا، وأنا متأكد أنه يُوجد الكثير من الطلاب الذين هم في نفس مستواك السلوكي، فلماذا لا تتفاعل مع هؤلاء؟ لماذا لا تطمئن لهم؟ ليس هنالك ما يمنعك أبدًا، كن رجلًا صاحب مبادرات، مثلًا: حثَّ أصحابك على الحرص على الصلاة مع الجماعة، مارس رياضة جماعية، هذه كلها تُفيدك جدًّا.

أنت محتاج طبعًا لعلاج دوائي، ولا شك في ذلك، ومن أفضل الأدوية التي تساعدك: الدواء الذي يسمى (سيرترالين - Sertraline)، دواء يناسب مرحلتك العمرية، ويناسب الأشياء التي تعاني منها تمامًا، فهو دواء تخصُّصي وفاعل وسليم، وغير إدماني، تبدأ في تناول السيرترالين بجرعة نصف حبة، (25 ملغ) يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين يوميًا (100 ملغ) لمدة شهرين، ثم خفّضها إلى حبة واحدة يوميًا (50 ملغ) لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذه هي النصائح التي أود أن أُسديها لك، وهي واضحة وبسيطة ويسهل تطبيقها، الدواء مهم جدًّا، وسوف يساعدك على تحسين المزاج، وتحسين الدافعية، وسوف يجعلك أيضًا لا تتمسَّك كثيرًا بالكمالية في السلوك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net