أمي تريدني أن أدرس الجامعة وظروفنا المادية صعبة، فماذا أفعل؟
2025-11-10 03:14:04 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي استفسار بخصوص عقوق الوالدين: متى يُعتبر الإنسان عاقًا لوالديه؟ مثلاً: هل إذا طلبوا مني شيئًا يفوق طاقتي وقدراتي، هل يجب عليّ أن أطيعهم؟ لأن أمي تطلب مني أن أدرس في الجامعة، وهذا حلمها الأكبر، ونحن في غربة، جئنا كلاجئين لإحدى دول الغرب.
الدراسة هنا مكلفة جدًا، وإذا قررت أن أدخل الجامعة فسأضطر إلى أن آخذ قرضًا من الدولة وأدفعه على مدار سنوات طويلة، ونحن أساسًا عائلة بسيطة جدًا، علمًا بأني ختمت القرآن وأتقنت التجويد، وأُدرِّس القرآن والتجويد في المسجد، ولدي خبرة عمل خارج المسجد أيضًا -فالحمد لله- لدي دخل حتى لو كان بسيطًا.
إذًا السؤال هو: هل آثم في عدم خضوعي لرأي والدتي؟ مع العلم أن لدينا دينًا للدولة يجب علينا سداده وليس بمبلغ بسيط، فأنا خائفة من أن تتراكم علينا الديون ولا نستطيع سدادها!
أرجو منكم أن تفيدوني في ما يخص موضوع العقوق؛ لأنه يسبب لي قلقًا بشكل لا يوصف!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كوثر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكر لك ثقتك بإخوانك في استشارات إسلام ويب، وجوابًا على سؤالك في هذه الاستشارة، أقول الآتي:
أولًا: العقوق للوالدين هو ضد برّهما، فإن الله تعالى يقول: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا} [الإسراء:٢٣]، ويقول تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا} [النساء:٣٦]، فبِرُّ الوالدين هو برُّهما وحفظهما وصيانتهما، وترك التسلط عليهما، وإزالة الرق عنهما، فالعقوق ضد البر، فكل ما يقابل البر هو العقوق، سواء كان قولًا أم فعلًا، كما قال تعالى: {فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما}، فنهاه عن القول السيئ الذي هو أدنى مراتب القول السيئ، ونهاه عن الفعل السيئ بقوله: {ولا تنهرهما}، وهكذا كل ما يؤذي الوالدين من القول أو الفعل فهو عقوق لهما.
ثانيًا: الواجب على الابن والبنت بر الوالدين والإحسان إليهما، والقيام بحقوقهما، وطاعتهما في المعروف، إلا في حالتين:
الأولى: إذا أمرا بالمعصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الطاعة في المعروف" رواه البخاري.
الثانية: إذا أمرا بما يفوق قدرة واستطاعة الإنسان؛ لأنه لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
ثالثًا: بالنسبة لطلب أمك بإكمال دراستك الجامعية، فهو طلب ليس بمعصية ولا فوق القدرة والاستطاعة، لا سيما وأن هذا حلمها الكبير، فحاولي تحقيق هذا الحلم الكبير بالنسبة لأمك الغالية عليك، وإذا كانت ظروفكم العائلية صعبة للغاية مع تراكم الديون، فحاولي بكل أدب ووقار وحكمة بيان الحال لأمك، وبيان السبب في عدم إكمال الدراسة الجامعية؛ فلعل وعسى أن تقبل هذه الأسباب، ثم عليكم جميعًا كثرة الاستغفار والتوجه إلى رب الأرض والسماء، الرزاق الكريم المتعال، الذي بيده خزائن السماوات والأرض سبحانه وتعالى.
رابعًا: ما ذكرتِه من حفظك للقرآن الكريم، وإتقان تجويد القرآن، والتدريس في المسجد، فهذه نعمة عظمى ينبغي أن تشكري الله -عز وجل- عليها، وهنيئًا لك هذه الهمة في حفظ القرآن، فإن أهل القرآن هم أهل الله وخاصته.
نسأل الله تعالى أن يقضي عنكم الدين وييسر أموركم، وأن يفتح عليكم أبواب الخير والرزق، آمين.