التوبة والندم والمحافظة على الصلاة: هل هي من علامات رضا الرب؟

2025-12-03 00:23:51 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت أفعل ذنوبًا كثيرة، وهي العادة السرية، وأشرب الخمر، وغيرها من المحرمات، حتى أتى يوم مرضت فيه، وخفت أن أموت وأنا على هذه المعصية، فذهبت إلى المسجد، وبدأت أصلي، وأذكر الله، وأقرأ القرآن، وحافظت على صلواتي الـخمس في أوقاتها؛ حيث كنت أذهب إلى الجامع قبل الصلاة بعشر دقائق، وبدأت أستغفر الله من الذنوب، وأبكي، وأحزن على ما فعلته، فهل هذه علامة على رضى الله عني، وقبول توبتي؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنمار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

بدايةً: نسأل الله تعالى أن يثبتك على الخير، ويعينك على التوبة النصوح، وأن يشرح صدرك للطاعات، والأعمال الصالحة.

أخي العزيز: لا شك أن الله أراد بك خيرًا، ولذلك أعانك على التوبة والرجوع إليه؛ فالتوبة الصادقة، والاجتهاد في الأعمال الصالحة من علامات محبة الله تعالى للعبد، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا استعمله"، فقيل: كيف يستعمله يا رسول الله؟ قال: «يوفِّقه لعملٍ صالحٍ قبل الموت"، وقد وفقك الله لترك تلك المحرمات، والمحافظة على الصلاة، فأحسن الظن بالله تعالى، واعلم أنه يريد بك الخير والمغفرة، وأن يقربك منه، ويعينك على ترك الذنوب.

أما بخصوص سؤالك: هل ما حدث لك علامة على رضا الله عنك؟

ما ذكرته من خوفك عند المرض، وشعورك بقرب الموت، ثم عودتك إلى المسجد، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وتلاوة القرآن، والبكاء من الندم، كل ذلك من علامات الهداية والرحمة من الله تعالى؛ فالقلوب البعيدة عن الله هي التي لا تشعر، ولا تخاف، ولا تندم، أما قلبك فقد خاف، وأناب إلى الله، وهذه نعمة عظيمة، يقول الله تعالى عن المؤمنين إذا وقعوا في الذنب ثم انتبهوا وتابوا: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، ثم قال بعدها مباشرةً: ﴿أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾، وهذه بشارة عظيمة لك؛ لأنك تذكرت الله، وتبت إليه، ولم تصرّ على الذنب.

أما بخصوص سؤالك: هل قبل الله توبتي؟
أبشر، وأحسن الظن بالله عز وجل؛ فما دمت قد حققت شروط التوبة الثلاثة: الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم الرجوع إليه، وأخلصت في توبتك لله تعالى راجيًا ثوابه، وخائفًا من عقابه؛ فأبشر بقبول التوبة والمغفرة -بإذن الله-، فالله تعالى وعد بذلك فقال: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ﴾، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له".

واعلم -يا أخي الكريم- أن الله يفرح بتوبة عبده فرحًا عظيمًا، وهذا الفرح دليل على الرضا والحب؛ فقد جاء في الحديث: "للهُ أشدُّ فرحًا بتوبةِ عبدِهِ من أحدِكم سقط على بعيرِهِ وقد أضلَّه في أرضٍ فلاة"، وهذا من رحمته سبحانه وتعالى، وهو الغني عن خلقه.

أخي العزيز: اجتهد في أسباب الثبات على الطاعات، والابتعاد عن المعاصي؛ لتحمي قلبك من الشهوات والضعف الذي قد يعيدك إلى الذنوب، ومن أهم وسائل الثبات:

- المحافظة على الفرائض والنوافل في وقتها في المساجد، والمبادرة إلى الأعمال التي تجد فيها نشاطك وراحتك، مثل: قيام الليل، أو صيام النوافل.

- الإكثار من الاستغفار، وذكر الله تعالى، والمداومة على قراءة القرآن، أو الاستماع إليه يوميًا.

- الابتعاد عن أصدقاء السوء، والأماكن التي تذكرك بالمعصية؛ فأنت الآن في مرحلة تعافٍ وتقويةٍ للإيمان، وهذا مهم للغاية، حتى تثبت على التوبة، وفي المقابل، أكثر من مصاحبة الصالحين، وحضور مجالس العلم والمحاضرات، فكل ذلك يعين على الثبات.

- المداومة على الدعاء بأن يثبتك الله، ويصرف عنك السوء، والتضرع إليه في كل وقت.

وإن صدر منك ذنب -لا قدر الله- فلا تتأخر عن التوبة والرجوع إلى الله فورًا، وأكثر من الأعمال الصالحة؛ لأنها تزيل أثر الذنوب من القلب، قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ﴾.

وفقك الله، ويسّر أمرك، وثبّتك على الخير.

www.islamweb.net