العبقرية واللباقة .. بين الموهبة والاكتساب

2006-11-02 09:36:37 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي بضعة أسئلة أريد أن أحصل على أجوبتها منكم وهي:

ما هي العبقرية؟ كيف أصبح عالماً؟ كيف أصبح عبقرياً؟ ما هو التفكير المنطقي؟ ما هو المنطق؟

أنا ألاحظ أن هناك أشخاصاً طريقة كلامهم مؤثرة، وتحب أن تسمعهم يتحدثون، وذلك لسبب أنهم يختارون كلمات مؤثرة، ويستطيعون أن يعبروا عن أنفسهم بكلمات تدل على أحاسيسهم وطيبتهم، وأعتقد أنها تسمى اللباقة، فكيف يمكنني أن أكتسب اللباقة؟

وشكراً لكم.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فجزاك الله خيراً.

أيها الابن الفاضل: ما سألت عنه في الحقيقة لا أود أن أعطيك التعريفات الموجودة في المعاجم، فهذه يمكنك أن ترجع إلى المعجم الوسيط أو أي واحد من المعاجم اللغوية المعروفة، ولكن بصفة عامة العبقرية هي المقدرة الفكرية المتكاملة للإنسان، وهي تقوم على الذكاء، اللباقة، الاطلاع، وحسن استعمال المعلومة، وهي تجعل الإنسان يستطيع أن يضيف شيئاً جديداً للتراث البشري.

ولا شك أن هنالك عامل الموهبة وهو يعتبر عاملاً أساسياً في العبقرية حتى يصبح الإنسان عبقرياً وعالماً في نفس الوقت، ولكن الذكاء وحده لا يجعل من الإنسان عبقريّاً، إنما الاطلاع، المثابرة، الثقة بالنفس، ومحاولة الوصول للعلوم من مصادرها، هذه تؤدي - إن شاء الله - لأن يصبح الإنسان عبقريّاً وربما عالماً.

وهنالك أمر هام جدّاً لأن يصبح الإنسان عالماً وهو البحوث، الشخص الذي لا يهتم بالبحوث أو لا يأتي ببحوث جديدة لا يمكن أن يصبح عالماً.

ونقول أيضاً أيها الابن الفاضل: الإنسان العالِم هو الذي يعرف ربه ويعرف عقيدته ويلتزم بها، فهذه - إن شاء الله - تعتبر من المكونات الأساسية حتى يصبح الإنسان عالماً على الأقل من المنظور الإنساني والإسلامي، والعبقرية والعلم لا يعني الكامل مطلقاً، قد تجد إنساناً متفوقاً في كل شيء ولكنه لم يهتد إلى طريق الحق والدين؛ فهذا في نظرنا يعتبر علماً ناقصاً، ولأن تصبح عبقريّاً عليك أن تفهم نفسك، عليك أن تقبل نفسك، وعليك أن تسعى لتطويرها، العلم يأتي بمجالسة العلماء، ويأتي بالاطلاع، ويأتي بالمثابرة، ويأتي بحسن الخلق.

هذه كلها أمور مطلوبة، وعليك أن تتخذ قدوة، حاول أن تتمثل أو تقتدي من تراه من العلماء، اقرأ سيرته، اقرأ منهجه، حاول أن تتبع علمه وما تراه نافعاً فيه، هذه - إن شاء الله - كلها تجعل الإنسان مثابراً وقويّاً في شخصيته وفي علمه.

والتفكير المنطقي هو التفكير الذي يقوم على المسببات، بمعنى أنه لا يمكن أن أضع فكرة دون أن تكون هنالك آليات أوصلتني لهذه الفكرة، ودون أن تكون هنالك خلاصة أستخلصها من هذا التفكير، إذن التفكير المنطقي هو التفكير الذي يقوم على الركائز، وهو الذي يقوم على المعلومة العلمية الصحيحة القابلة للتحليل، والقابلة للاستقصاء، والقابلة لأن تبني منها أفكارا وعلوما جديدة.

المنطق اختلف الناس في تعريفه ويمكنك أن ترجع – كما ذكرت لك – إلى أحد المعاجم اللغوية لأن تتحصل على التعريف اللغوي له.

أما بالنسبة لقولك أن هنالك أشخاص لديهم طريقة مؤثرة في الكلام؛ فهم بالطبع أعطاهم الله موهبة، واستطاعوا أن يحسنوا من موهبتهم بالاطلاع ومجالسة العلماء، وكانت لهم أهداف واضحة جدّاً في الحياة، في المناهج المؤثرة في التحاور والتخاطب، كما أن الإنسان الصادق في توجهه والصادق في فكره يكون بالطبع مؤثراً.

اختيار الكلمات يأتي بالطبع بالتضلع في اللغة ومعرفتها، وبالطبع أن يتخير الإنسان الكلمة المناسبة هذا يرجع إلى رصيده اللغوي ومدى اطلاعه ومعرفته، كما أن الإنسان إذا كان صادقاً فيما يقول، وكان يستعمل اللغة الحركية أيضاً هذا يجعل الآخرين يتأثرون ويستمعون إليه بصورة أعمق وأدق.

اللباقة هي حسن التصرف وهي ليست أكثر من ذلك، وحسن التصرف أيضاً يأتي بالتؤدة وبالحكمة وبالمعرفة وبالاطلاع وأن يكون الإنسان صادقاً مع نفسه.

إذن أيها الابن الفاضل: الأمر كله يتمركز حول الجدية وحول الاطلاع وحول اختيار القدوة المناسبة، وأن تضع الأهداف، وأن تكون لك الجدية في أنك تريد أن تصل فيما تود أن تصل إليه.

أسأل الله لك التوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

www.islamweb.net