إرشادات نفسية لمواجهة الرهاب الاجتماعي

2007-03-05 11:17:28 | إسلام ويب

السؤال:
أنا عندي مشكلة كبيرة وهي أنني أعاني من الاكتئاب، فعندما أجلس مع مجموعة من الناس أشعر بالخوف والخجل وحرارة في جسمي، وعندما أتجه إلى البيت أتكلم مع نفسي وكأن شخصاً معي أكلمه، كما أني أحياناً لا أستطيع النوم وأحياناً أخرى أنام كثيراً.

مع العلم بأن عمري الآن 23 سنة، ولقد بدأ المرض وعمري آنذاك 17 سنة وذلك بسبب الحالة الاجتماعية، ولم أذهب إلى المستشفى بسبب الخجل.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ناصر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن الوصف الذي ورد في رسالتك لا أعتقد أنك تعاني من اكتئاب نفسي حقيقي - أي ليس الاكتئاب الذي يُعرف بأعراضه ومكوناته وتشخيصاته العلمية - وإنما تعاني من درجة بسيطة من درجة الرهاب الاجتماعي - أو ما يعرف بالخوف الاجتماعي - وهو أن الإنسان يشعر أنه غير مرتاح نفسياً، أو خائفاً في بعض المواقف الاجتماعية، أو حين يكون في صحبة لا يعرفها .. وهكذا.

والخوف الاجتماعي في بعض الأحيان يكون مقترناً بدرجة بسيطة من عسر المزاج لأن الإنسان لا يستطيع أن يتلاءم ويتواءم مع محيطه ومع نفسه، وهذا بالطبع يؤدي إلى عسر المزاج، والذي يكون في كثير من الأحيان مرتبطا باضطرابات في النوم، وكذلك في الشهية، وربما يكون هنالك تكاسل عام وعدم نشاط وعدم حيوية مما يقلل من إنتاجية الإنسان وإدارته لوقته.

والذي أود أن أقوله لك - أولاً - أنك بحمد الله لا زلت في مقتبل العمر وفي سن الشباب وأمامك أيام طيبة يجب أن تنظر لها بتفاؤل كبير، فهذا بالطبع أمر ضروري جداً.

ثانياً: والذي أنصحك به هو أن تحقر هذه المخاوف، فيجب عليك أن تتأكد تماماً أن هذه الرهبة التي تصيبك هي أعراض مبالغ فيها، فيأتي الإنسان الشعور بالخوف ويكون هذا الخوف مجسماً ومضخماً ومتزايداً، ولكن إذا حاور الإنسان نفسه وآمن بسخف هذه المشاعر وأنه لا شيء يجعله يشعر مثل هذا الشعور فهذا يبعث على الطمأنينة.

ثالثاً: أود منك أن تجلس منفرداً في مكان هادئ وأنت مسترخٍ لمدة 20 دقيقة وتفكر أنك في مواجهة أمام جمهور كبير من الناس كمناسبة في البيت وأتاكم عدد كبير من الضيوف وأنت لابد أن تقوم باستقبالهم وتحيتهم وإكرامهم، تصور هذا الموقف، وتصور أيضاً أنه طلب منك أن تصلي بالناس جماعة في المسجد أو طلب منك إلقاء درس أو محاضرة، فهذه يا أخي أشياء واقعة في الحياة ويقوم بها الكثير من الناس بل الآلاف يقومون بذلك فلماذا لا تكون أنت؟! اسأل نفسك ذلك وأنت لا تقل عنهم أبداً.

إذن؛ عش هذه الخيالات بقوة وشدة وتمعن بمعدل 20 دقيقة في الصباح والمساء، وحاول بعد ذلك أن تكثر من التفاعل الاجتماعي بإكثارك من مقابلة الناس ممن تعرف، واذهب إلى الأسواق، وقف مع إخوانك بعد الانتهاء من صلاة الجماعة وتحدث معهم وتخاطب معهم وتبادل أطراف الحديث معهم، وحين تتحدث مع الناس أرجو أن تنظر لمن يتحدث إليك في وجهه ولا تتجنب أبداً ذلك، وكن دائماً بادئ بالكلام والتحية .. فهذه التمارين تحسن كثيراً من مهارات الإنسان الاجتماعية، ولكنها تتطلب المواصلة، وأن تكون نمط حياتي يومي.

والجانب الآخر في علاجك هو الممارسة الرياضية، فقد اتضح أن الرياضة تحرك الكثير من المكونات الكيميائية الداخلية للإنسان وتحسن الدورة الدموية، وهي بالطبع تؤدي إلى احتراق الطاقات النفسية الضارة، فهي بذلك تؤدي إلى الراحة النفسية والنشاط الجسدي والشعور بقوة الإرادة والإقدام.

إذن؛ أرجو أن تمارس الرياضة بصفة يومية بشرط ألا تقل مدة الممارسة عن أربعين دقيقة إلى ساعة في اليوم، وممارسة الرياضة الجماعية مثل (كرة القدم) سوف تساعدك بصورة أفضل لأنك سوف تتفاعل وتختلط مع الآخرين، وهذا يقلل من الرهبة الاجتماعية، وكذلك حضور حلقات التلاوة يعتبر فعّالاً جداً في تقوية الشخصية ورفع الكفاءة والصحة النفسية وإزالة أي نوع من الخوف والرهاب الاجتماعي.

كما أنك تحتاج إلى أن تنظم وقتك، وذلك بأن تضع جدولاً زمنياً توزع فيه وقتك وتديره بشرط أن تكون هنالك نشاطات متعددة كتخصيص وقت للعبادة ووقت للقراءة ووقت للراحة ووقت للترفيه ووقت للرياضة ووقت للتواصل الاجتماعي ووقت للدراسة، فلابد أن يكون هنالك نوع من الالتزام التام بإدارة الوقت، فهذه من العلوم الجميلة جداً الآن، والذين يديرون وقتهم بصورة صحيحة هم أكثر الناس نجاحاً وتوفيقاً، كما أن الإنسان حين يدير وقته بالصورة الصحيحة يحس بأهميته الداخلية وفعاليته، وبأنه يمكن أن يقدم الكثير لنفسه وللآخرين.

والجزء الأخير في العلاج بعد هذه الإرشادات النفسية هو العلاج الدوائي، فأود أن أصف لك دواءً يساعد إن شاء الله في إزالة هذه الأعراض (الخوف وعسر المزاج) الذي يعتريك، وهذا الدواء يعرف باسم زيروكسات، فأرجو أن تبدأ في تناوله بمعدل نصف حبة يومياً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، واستمر عليه بصورة متواصلة لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى نصف حبة يومياً لمدة أسبوعين، ثم خفضها يوماً بعد يوم لمدة أسبوعين أيضاً، ثم توقف عن العلاج.

وأرجو أن تطبق هذه الإرشادات التي ذكرتها لك مع تناول الدواء، وسوف تجد إن شاء الله تعالى أن صحتك النفسية وكفاءتك النفسية قد ارتفعت وتعدلت وأصبحتَ تتميز بالقوة على المواجهة، وأصبحت تشعر بالحيوية.

وبالله التوفيق.

www.islamweb.net