ما هي إرشادات عامة في التعامل مع سلوكيات الصبي السلبية؟

2007-05-07 10:53:14 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحن أسرة مصرية نقيم بالسعودية، ونتكون من زوج وزوجة وثلاثة أبناء وبنت، والكبير عمار وعمره تسع سنوات، ثم عبد الرحمن ست سنوات، ومريم خمس سنوات، وأحمد ستة أشهر.

والمشكلة تتعلق بابني الأكبر عمار، وهي على النحو التالي:

1- العصبية: وقد يرجع هذا إلى عصبية الأم بعض الشيء أو بسبب تعثر ولادته بسبب الطلق الصناعي لمدة يوم، مع العلم أنه ذكي جداً ولا نزكي على الله أحداً.

2- حب المال: حيث يحب أن يدخر أمواله ولا يصرف منها شيئاً، كما أن أصعب عقاب له بحرمانه من المصروف، وخلال هذه السنة بدأنا نجد معه بعض النقود، ليست عن طريق السرقة، ولكن بتبادله لبعض الأشياء مع أصدقائه في المدرسة أو لعمل بعض الواجبات لهم.

3- الطاعة: حيث إنه لا يريد أداء الصلاة، وكان في السابق يؤدي الصلاة في المسجد وحده، وكذلك حفظ القرآن يحفظ خمسة أجزاء، ولا يريد إكمال الحفظ.

4- مهمل في نفسه وترتيب أشيائه.

5- لا يريد أن يذاكر إلا الواجب المفروض عليه فقط، ولا يوجد عنده صبر على المذاكرة.

6- متفوق في جميع فروع الدراسة عدا اللغة الإنجليزية، وقد يرجع هذا إلى نقله من مدرسة إلى مدرسة أخرى ذات مستوى أعلى، أو لعدم تحدثنا معه بنفس اللغة لتنمية قدراته بها.

7- يحب أن يكون الأول في كل شيء، ولو شعر في اللعب بأن غيره سيتفوق عليه يلعب مع من هم أصغر منه.

8- دائماً ينظر إلى إخوانه ويقول: لماذا هم هكذا؟ حتى أخوه الصغير، ومهما وضحنا له وجود فارق السن وغيره، كما أنه دائماً يصرخ وحده دون سبب.

9- الأنانية: فلو أحب شيئاً يأكله كله ولا يترك لإخوانه، وإذا لم يحبه تركه لهم.

10- أكله محدود، وأيضاً معدل إخراجه قليل، وسبق أن عرضناه على مجموعة أطباء، وأجرينا جميع الفحوصات عليه وأوضحوا أنه يوجد عنده كسل في القولون ويجب أن يتم تدريبه على هذا الأمر لكي يعمل القولون، وقد يرجع هذا الأمر إلى كسله وعصبيته.

11- عطوف جداً على أبويه ودائماً ما يحضنهم ويقبلهم، ولو طلبنا منه شيئاً لنا فإنه ينفذه مباشرة، بخلاف ما لو كان الطلب له شخصياً فإنه لا يؤديه.

فكيف نصحح هذه العيوب، وما هي كيفية التعامل معه لتقويمه؟

ولكم منا جزيل الشكر.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأنت مدرك تماماً لأصول التربية ومتطلبات التربية بصفة عامة، وبكل أسف في هذا الزمان لا يستطيع الإنسان أن يتحكم في أبنائه أو يقوم بإدخالهم في العملية التربوية بالصورة التي يراها، وذلك نسبة لكثرة المؤثرات الخارجية، ولكن عموماً على الإنسان أن يحاول أن يوفق بين ما هو آتٍ من الخارج وما يعتقد أنه هو الصحيح ويحاول أن يزرع في أبنائه القيم التربوية القويمة.

ومن الملاحظ بصفة عامة أن الطفل الأول أو الطفل الخاص بمعنى الولد وسط البنات أو البنت وسط الأولاد أو الطفل الأخير أو الطفل الوحيد أو الطفل المعاق أو الطفل الذي يعاني من أمراض متكررة دائماً يعامل معاملة خاصة، وتكون هذه المعاملة فيها الجانب الشعوري أو الوعي التام من جانب الوالدين وفيها جزء غير شعوري، وهذه المعاملة الخاصة بالطبع قد تنتج عنها بعض الأخطاء التربوية، وأهم مشكلة تربوية لهذا الطفل الخاص هو أننا نعطيه بعض الأشياء في مرحلة عمرية معينة ثم بعد ذلك نحاول أن نقلص أو نحرمه مما أعطيناه سلفاً، وهذا بالطبع يؤدي إلى صعوبات نفسية لدى الطفل.

ومعظم الصعوبات التي سردتها لا أراها صعوبات تربوية حقيقية، فكثير من الأطفال لديهم نفس هذه السمات وقد تكون سمات مرحلية طبيعية جدّاً، ولكن الإنسان دائماً يتشوق ويسعى أن يكون مثاليّاً في تربية أولاده.

وبالنسبة للعصبية لدى الأطفال دائماً هي تعبير عن الاحتجاج لأمر غير مرضي، ولكن من تجربتي المتواضعة كثير من الآباء والأمهات الذين يشتكون من عصبية أبنائهم حقيقة ربما تكون المشكلة لدى الأب أو الأم؛ بمعنى أنهم قد أصبحوا قليلي التحمل لتصرفات الطفل، وهذا يظهر لديهم في شكل عصبية زائدة لدى الطفل، إذن من الضروري جدّاً أن تكون توقعاتنا في حدود المعقول، بمعنى أن الطفل إذا عبر عن احتجاجه وتوتره لا يمنع من ذلك، ولكن نحاول أن ننفس عنه ونحاول أن نساعده بأن يفرغ ما في داخله، وأكبر مشكلة تجعل الطفل عصبيّاً أن لا يُسمع له، فمن حقه أن يتسمع له وأن نحاوره، وهذا بالطبع يقلل من هذه العصبية، فأرجو انتهاج هذا المنهج.

وأما إذا كانت والدته عصبية فهذا بالطبع ربما يؤدي إلى صعوبات، والذي نراه هو دائماً أن تكون الأم وكذلك الأب على وتيرة واحدة فيما يخص التعامل مع الأبناء، بمعنى: إذا اتخذ أحد الوالدين موقفاً صارماً فلابد أن يواكبه الآخر ويسير معه في نفس النهج حتى وإن لم يكن متفقاً؛ لأنه من الخطورة جدّاً أن نوصل للطفل رسالتين متناقضتين من الأبوين، وهذا كثيراً ما يؤدي إلى نوع من التآمر الأسري الداخلي اللاشعوري، وذلك بأن يلجأ الطفل دائماً للجانب المستكين أو الجانب الذي يجد لديه الأمان أكثر.

إذن أفضل شيء لامتصاص عصبية الطفل هي الاستماع له حين يريد أن يعبر عن نفسه؛ لأن العصبية هي نوع من الاحتجاج، وأيضاً هناك بعض الأطفال الذين تكثر حركتهم يعانون دائماً من العصبية الشديدة والاندفاعية، ولكن لا أرى هذا الأمر بالنسبة لهذا الابن.

وأما حب المال فهو أمر مكتسب يكتسبه الطفل من الآخرين، ولا مانع أن يتعلم الطفل قيمة الأشياء وأن يتعلم قيمة التملك، ولكن لابد أن نبني فيه أيضاً فضيلة الإنفاق، فهذه مهمة جدّاً، فأرجو ألا تناقش الطفل في حبه للتملك، ولكن حاول أن تنمي فيه الإنفاق، فعلى سبيل المثال: إذا كان هناك صندوق للتبرعات في المسجد دعه يضع فيه بعض النقود وأشعره بهذه القيمة بأن ذلك سوف يطعم مسكيناً ويداوي مريضاً.. وهكذا، فهذا أمر ضروري جدّاً، وأيضاً اجعل الطفل يحسب ما لديه وما أنفقه، ولا تنتقده كثيراً في التملك في حد ذاته، ولكن علِّمه قيمة الأشياء، ويمكنك أيضاً أن تقول له على سبيل المثال: يا عمَّار! لماذا لا تشتري لي هدية صغيرة، قلماً على سبيل المثال مما ادخرته؟! أنا على ثقة كاملة أن الطفل سوف يطيع في هذا السياق، وبعد أن يأتي بهذه الهدية البسيطة يجب أن يشجع ويحفز بلغة طيبة، وبعد قيامك ببناء هذه القيم (قيم الإنفاق) وأهمية ذلك تحادثه وتحاوره في أن التمسك المطلق بالمال ليس أمراً جيداً، ولابد أن يعرف أنه يجب ألا يقوم بعمل الواجبات للأطفال الآخرين بمقابل مادي، فأرجو أن تجسد في فكره أن هذا أمر ممقوت ومرفوض دون أن تخيفه.

وبالطبع هذه الأشياء لا تتغير منذ الوهلة الأولى وتتطلب الصبر والتعامل بإدراك، ودائماً حين نحب أطفالنا أن يكونوا أكثر طاعة فإننا لا نتكلم معهم فقط وإنما نجعلهم مقلدين لنا، فهذا هو الضروري جدّاً، فالابن الذي لا يدرس أنا أجلس معه وأدرس معه أيضاً وأقول له: افتح كتابك وتعال لأني أنا أريد أيضاً أن أقرأ في موضوع معين لابد أن أطلع عليه، وأيضاً الصلاة دائماً؛ لأنه حين تبنى فيه هذه الغريزة في أن يذهب معك إلى المسجد سوف تساعده كثيراً، وبعدها يمكن في غيابك أن تحفزه والدته وتجعله يذهب للصلاة، وحين نبني فيه هذه الصفات الحميدة فهناك بعض المثبتات، وذلك بأن يعرف وقت الأذان، فاسأله على سبيل المثال: متى وقت أذان العصر يا عمَّار؟ متى وقت العشاء؟ وهكذا، فهذه تبني فيه خارطة فيها شيء من الترغيب والتعلق بالصلاة.

كما أن تحفيزه يعتبر أمراً جيداً، كمكافأته إذا ذهب إلى المسجد على سبيل المثال، فقل له: سوف أضع لك ثلاثة نجوم لكل صلاة، وإذا تخلفت سوف أسحب منك خمسة نجوم، ويكون هناك اتفاق بأن تستبدل هذه النجوم حسب قيمتها في نهاية الأسبوع بشيء مفضل ومحبب له، فهذه كلها من الأمور التربوية السلوكية الطيبة.

وأما الإهمال في النفس فعلاجه بأن نبدأ معه بالأشياء الصغيرة جدّاً، مثلاً: استعمال فرشة الأسنان وتنظيم شعره وترتيب ملابسه وكتبه.. وهكذا، نبني هذه الغرائز البسيطة جدّاً والبدائية جدّاً وبعد ذلك سوف تساعده إن شاء الله في أن يرتب نفسه.

كن أنت قدوة وقياديّاً له، وما دام هو -بحمد لله- متفوقاً في المواد فهذا أمر طيب، فشجعه على القراءة غير الأكاديمية مثل الكتب البسيطة، وبالنسبة للغة الإنجليزية يمكن أن يستفاد من برامج الكمبيوتر التعليمية الجيدة.

وبالنسبة للصعوبات الأخرى -النقطة السابعة والثامنة- لا أراها مشاكل أساسية، ولكنها محاولات لإثبات الذات، ويمكن أن يوجه التوجيه المعقول.

وأما بالنسبة لموضوع الأنانية فلا أرى أن هذه أنانية أيضاً، فالطفل في موضوع الأكل وغيره ربما يفضل ذاته، ولكن دعه يأكل مع إخوته، أو حين تتناولون الطعام كأسرة يمكن أن تكون هناك بعض الضوابط الإرشادية.

وأما بالنسبة لموضوع محدودية أكله وأن إخراجه قليل؛ فيفضل أن يبتعد عن الحلويات وعن المشروبات؛ لأن هذه صادمة جدّاً للطفل وتقلل من التوازن الغذائي له وتقلل أيضاً من رغبته للطعام، وممارسة الرياضة -وخاصة الكرة أو الحبل- تنشط الأمعاء والمعدة لدى الطفل وتحرق الكثير من السعرات الحرارية مما يجعل الطفل يفضل الطعام.

وأعتقد أنه سيكون من الصواب إذا تناولتم الطعام كأسرة مع بعضكم على الأقل تكون وجبة واحدة في اليوم، تعتبر هذه اللقاءات طيبة وتخلق نوعاً من الترابط ما بين الأسرة، وفي نفس الوقت تجعل الطفل يتحسن فيما يخص تناول الأطعمة.

وأما كونه عطوفاً على أبويه فهذا أمر طيب، ولكن قصة أن يتقرب ويقبل ويحضن هذه لا أقول: يصد عنها، ولكن يجب أن تكون في حدود حتى لا يستغل الطفل هذه العلاقة من أجل تحقيق ما يرنو إليه.

ولا أعتقد أن هذا الابن لديه مشكلة أساسية، فالصفة العامة هي أن نلجأ إلى الترغيب والترهيب في حدود المعقول، والمبدأ السلوكي العام هو أن نبني ما هو إيجابي في الطفل ونركز عليه ونجسمه ونضخمه، ونحاول أن نتجاهل السلبيات البسيطة ونوبخ على السلبيات الكبيرة.

أسأل الله لأبنائك الحفظ والنجاح، وبالله التوفيق.

www.islamweb.net