الصبر والتوكل على الله من أهم الوسائل المعينة على تحقيق الأهداف والمآرب

2007-07-03 13:27:30 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن التوكل والصبر هما من أهم الوسائل التي يمتلكها المسلم في سعيه لتحقيق أهدافه في الدنيا والآخرة، فهل هناك مانع من أن أدرب نفسي لكي أكون متوكلاً وصبوراً في نفس الوقت الذي أتعلم فيه العلم الشرعي؟ علماً أني لا زلت في مرحلة تعلم العقيدة، وأعتني بالصلاة عناية كبيرة، خصوصاً أني تعرضت لابتلاء أدى إلى تنمية هاتين العبادتين في نفسي بشكل كبير، وأريد استغلال هذا الزخم ومزيد تنميته.

ثانياً: أستعين لتحقيق التوكل بالذكر والدعاء في كل صلاة بأن يجعلني الله من المتوكلين، ودائماً أكرر في نفسي العبارات التالية: فوضت الله، وكلت الله، رضيت بالله وكيلاً، وذلك مع الحرص على الأخذ بالأسباب بقدر استطاعتي، فما رأيكم فيما أفعله؟ وهل من نصائح أخرى تقدمونها إلي تعينني على التوكل؟!

وشكراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد أحسنت في قولك التوكل والصبر هما أهم الوسائل التي يمتلكها المسلم في سعيه في تحقيق أهدافه، وذلك لأن المسلم يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، وأما ترك الأسباب فهو دليل على نقص العقل، والتعويل على الأسباب خدش في التوحيد وبعد عن الصواب، وقد أحسن من قال:

وما نيل المطالب بالتمني *** ولكن ألق دلوك في الدلاء

وقد قال الله عز وجل لمريم عليها السلام: ((وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا))[مريم:25]، وقد أحسن من قال:

ولو شاء ألقى إليها الرطب *** ولكن كل شيء له سبب

والتوكل هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها، وأن يكل العبد أموره كلها إلى الله جل وعلا وأن يحقق إيمانه بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه جل وعلا، والله سبحانه يحب المتوكلين، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً)، فتأمل حال الطيور حين تخرج من أوكارها وليس لها معاشات ولا مزارع ولا مصانع، ولكنها تتحرك كما أمرها الله لتأكل من رزق الله.

وأما بالنسبة للصبر فهو نصف الإيمان، وما أعطي أحد عطاء أوسع من الصبر، وهو حبس النفس على ما تكره، وهو أنواع وأقسام فيه، صبر على الطاعات وصبر على المعاصي وصبر على الابتلاءات، وقد وعد الله أهله بجزيل الثواب في كتابه فقال: ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ))[الزمر:10]، ولا يخفى على أمثالك أن العلم لا ينال إلا بالصبر، وقد أحسن من قال:

ألا بالصبر تبلغ ما تريد *** وبالتقوى يلين لك الحديد

فالصبر هو أهم أسلحة الناجحين بعد إيمانهم برب العالمين وتوكلهم على موفق المفلحين وخالق الإنسان من طين، ولذلك قال كليم الله موسى للعبد الصالح ((سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا))[الكهف:69]، وطالب العلم يحتاج إلى صبر على الطلب وصبر عند المراجعة وصبر عن الشهوات والملذات وصبر على زفرات الأساتذة، فإن نيل العلم في زفراتهم، والصبر ينال بالتصبر، والحلم بالتحلم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتصبر يصبره الله).

وأما بالنسبة للتوكل فإنه فرع الإيمان، ويقوى بمقدار ما عند المسلم من توحيد وأمل في الله المجيد، قال تعالى: ((وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ))[الطلاق:3]، فتوكل يا عبد الله على الحي الذي لا يموت، وقد أنجى الله أنبياءه بحسن توكلهم، وهذا نبي الله هود عندما هدده قومه وتوعدوه قال لهم: ((إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا))[هود:56]، وكما فعل الخليل حين ألقي في النيران مقيداً فقال: (حسبي الله ونعم والوكيل)، وهي كلمة قالها رسولنا حين قيل له: ((إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ))[آل عمران:173]، وإذا صدق الإنسان في توكله أدنى الله عنه وحفظه.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بالحرص على تحويل نصوص الشريعة إلى ممارسة عملية، فإن الفرق بيننا وبين سلف الأمة الأبرار هو أننا نحفظ فقط وهم كانوا يحفظون النصوص ويطبقونها ويدورون مع كتاب الله حيث دار، نسأل الله أن يلحقنا بهم في جناته ورضوانه.

وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net