قواعد التعامل المثلى مع طلاب التحفيظ

2007-07-04 12:42:24 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أعمل في سلك الدعوة، وأدرس أطفالاً أعمارهم 13 سنة في دار للقرآن الكريم، وقد جاءني أحدهم وصارحني بأن لديه مشكلة، وهي أنه يعاني من أنه إذا سمع كلمة سيئة يبقى يرددها في نفسه ولا يستطيع التفلت منها، حتى أنه يخاف على نفسه من الوقوع في الحرام، وخصوصاً إذا سمع مسبة الذات الإلهية، فما التشخيص لهذه الحالة؟ وكيف أتعامل معه؟ وكيف أعالجه؟!

ثانياً: نعاني من مشكلة في أحد طلاب دار القرآن الكريم ويبلغ من العمر 14 سنة، حيث إنه متكبر بصورة كبيرة؛ لدرجة أنه أصبح ينظر إلى مشايخه نظرة ازدراء، وأصبح ينظر ويقوم بكل ما يمكن أن يستفز به مشايخه، فما الحل مع هذا الطالب؟ وما هي الأمور العملية لمعالجة هذا الطالب؟!

وجزاكم الله خيراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فحمداً لله الذي رد كيد الشيطان إلى الوسوسة، ونسأل الله أن يحفظ شباب المسلمين، وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أوقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان، ثم قال الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة)، ووجه من يجد ذلك بأن يقول: (آمنت بالله، ثم يتعوذ بالله من الشيطان)، كما أن شكوى الشاب وخوفه مما حصل معه دليل على أن فيه خيراً وإيمانا، ونحن نوجهه وأمثاله بما يلي:-

1- اللجوء إلى مصرف القلوب فانه يجيب من دعاه.

2- التعوذ بالله من الشيطان والمواظبة على ذكر الرحمن.

3- مجالسة الطبيين الأخيار الذين ينتقون أطيب الحديث كما ينتقى طيب الثمر.

4- شغل النفس بالمفيد وتلاوة كتاب الله المجيد.

5- مطاردة الخواطر في بدايتها كما قال ابن القيم: (طارد الخاطرة قبل أن تتحول إلى فكرة، وطارد الفكرة قبل أن تتحول إلى إرادة، وطارد الإرادة قبل أن تتحول إلى عمل، وإذا وقع الإنسان في خطأ فعليه أن يمحوها بتوبة نصوح، واعلم بأن الحسنات يذهبن السيئات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وأتبع السيئة الحسنة تمحها).

6- تجنب الجلوس مع من يتعرض للذات الإلهية، لأن هذه هي أخطر الذنوب.

7- طلب العلم وسؤال العلماء، فإنما شفاء العي السؤال.

وأرجو أن يجد منك هذا الطالب الأمن حتى لا يكتم عنك ما يحصل له، مع ضرورة التقدير والاحترام وتربيته على مراقبة من لا يغفل ولا ينام.

وأرجو أن تهتموا بتربية الطلاب على المحافظة على أذكار الصباح والمساء والنوم والخروج، وكافة أذكار الأحوال التي علمنا إياها رسولنا المختار عليه صلاة الواحد القهار.

وهذه وصيتي لكم بتقوى الله، ولك مني ألف تحية، وهنيئاً لكم وأنتم تقومون بمهام الأنبياء في التربية والتعليم، فأخلصوا لله وأبشروا.

وأما عن موضوع التكبر فإن التكبر داء وبيل ومرض خطير، وهو سبب حرمان إبليس الحقير، ولن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، كما حذرنا رسولنا البشير النذير، والمتكبر هو الذي يرى نفسه أكبر من غيره، وقد قسمه العلماء إلى ثلاثة أقسام: كبر على الله، وكبر على رسل الله، وكبر على العباد، والكبر هو أول ذنب عصي الله به في السماء حين رفض عدونا إبليس أن يسجد لأبينا آدم، قال تعالى: ((إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ))[ص:74]، والتكبر دليل على خلل في النفس ونقص في العقل، قال محمد بن الحسن بن علي رضي الله عنه: (ما دخل قلب امريء شيء من الكبر قط إلا نقص من عقله بقدر ما دخل من ذلك قلّ أو كثر).

والمتكبر مريض يشعر بعقدة النقص، ويريد أن يكمل نقصه بالتكبر على غيره، ويعتبر الإمام ابن حزم أول من أشار لذلك رحمة الله عليه، ولكن المتكبر واهم، ولذلك شبهوه بإنسان صعد على جبل شاهق ثم نظر للناس فرآهم صغار الأحجام فاحتقرهم، ولكنهم أيضاً ينظرون إليه فيرونه قصيراً صغيراً، ولذلك ما من إنسان يتكبر إلا كرهه الناس واحتقروه.

ونحن ننصح بالرفق بهذا الطالب والحرص على دراسة أسباب ذلك التكبر، فربما كان ذلك لأهله وربما كان مضطهداً في المنزل، وربما وهمٌ بأن له مزيد فضل، وربما وجد في المعلمين من عظمه وكبره حتى تكبر، وهذا خطأ يقع فيه بعض المدرسين عندما يأتي طفل من أسرة معروفة ويجد الاحترام أكثر من زملائه فإن ذلك يدفعه للتكبر، وقد انتبه السلف لذلك فرفض سعيد بن المسبيب أن يترك حلقة المسجد ويذهب ليقيم درساً للخليفة، وقال لمن جاءه: في الحلقة متسع له إن أراد، ثم قال: العلم يؤتى إليه ولا يأتي، ورفض مالك أن يلتفت إلى ابن الخليفة رغم أنهم نبهوه، فلما جلس جلسة المتعلم أقبل عليه وقال: هكذا فليطلب العلم.
وربما كانت هناك أسباب أخرى، وإذا عرف السبب بطل العجب، وسهل عليكم إصلاح العطب.

ومما يساعدكم على العلاج ما يلي:-

1- اللجوء إلى من بيده قلوب العباد.

2- إدراك طبيعة المرحلة العمرية للشاب، فمن الخطأ أن يعامل معاملة الأطفال.

3- تعليمه خطورة التكبر وسوء عاقبة أهله، وأفضل من ذلك أن تعطيه كتابا عن الكبر ونطالبه بقراءته وتلخيصه وعرضه.

4- التركيز على تواضعه صلى الله وسلم رغم علو منزلته وعظمة رسالته، وإذا تواضع الإنسان ارتفع.

5- إيراد الأقوال المهمة للسلف كقول محمد بن علي بن الحسين: (يا عجباً من المختال الفخور الذي خلق من نطفة ثم يصير جيفة، ثم لا يدري بعد ذلك ما يفعل بها)، وقول الأحنف: (عجباً لابن آدم يتكبر وقد خرج من مجرى البول مرتين).

6- أن نعرفه بربه العظيم ونعرفه بنفسه الضعيفة.

7- ضرب نماذج حية للتواضع أمامه، وإظهار الاحترام بين المدرسين مع بعضهم، فقد وصف الله أولياءه فقال: ((أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ))[المائدة:54] هينين لينين متواضعين.

8- بيان أن التكبر من أسباب سوء الخاتمة، مع ضرورة إدراك ما أعده الله للمتكبرين، ويكفي أن يعلم كل متكبر أن الله لا يحبه، وأن الله يحشر المتكبرين مثل الذر يوم القيامة ويطأهم الناس بأقدامهم لحقارتهم.

وهذه وصيتي للجميع بتقوى الله مع ضرورة التعامل مع هذا التلميذ برفق ولطف فإنه مريض يحتاج إلى علاج، ولا يحتاج أمثالكم من الفضلاء إلى وصية، ومرحباً بكم في موقعكم، وكم نحن سعداء بتواصلكم وتفاعلكم مع موقعكم.

ونسأل الله أن يرزقنا وإياك الإخلاص في الأقوال والأفعال والأحوال.

وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net