الزواج من أمريكية مسلمة

2008-05-19 12:53:11 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير على ما قدمتموه وما تقدمونه في هذا الموقع الرائع، نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.

أما أساتذتي الأفاضل:
فقد تعرفت عن طريق أحد أصدقائي المتزوج من أمريكية مسلمة على أخت أمريكية مسلمة منذ خمس سنوات، وهي على أخلاق عالية، وثقافة ممتازة، وتحفظ بعض القرآن، وحدث بيننا - والحمد لله - القبول، وكان طلبها مهرا وهو تعلم اللغة العربية، وحفظ القرآن، وعمرة وحجة، ونحسبها على خير، وصادقة بإذن الله.

استشرت أحد أصدقائي فخوفني من الموضوع، وأن فيه حرمة شرعية، وأنه سوف يكون زواجاً فاشلا، وأنه خطر على الأبناء مستقبلا، أما هي فترجو مني أن أكون سبباً في تعليمها اللغة والدين، وأن نربي أبناءنا على الإسلام والالتزام، وطلبت مني أن نعيش في أمريكا، صليت الاستخارة أكثر من مرة ولكني أحياناً أشعر بالراحة، وأحياناً أخرى أكون مترددا.

أرجو ألا أكون قد أطلت عليكم، أشيروا علي فإني في صراع نفسي لا يعلمه إلا الله، فأنا أريدها ولكني خائف؟

وفقكم الله وسدد خطاكم إلى ما يحبه ويرضاه.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، وجزاك الله عنا خيراً، ونسأل الله أن يجعلنا عند حسن ظنك وأن يغفر لنا ما لا تعلم، وأن يوفقنا إلى ما يرضيه، ونسأله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمنَّ عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة، وأن يجعل هذه المسلمة الأمريكية من نصيبك، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك من أنك تعرفت على أختٍ أمريكية مسلمة منذ خمس سنوات، وأثنيت عليها وأنها على أخلاق عالية، وثقافة ممتازة، وتحفظ بعض القرآن، وحدث بينك وبينها بعض القبول، وهي امرأة أيضاً في نفس الوقت تطلب مهراً بسيطاً ليست كغيرها من النساء اللواتي يطلبن الآلاف ومئات الآلاف، تطلب أن تتعلم اللغة العربية، وأن تحفظ القرآن، وأن تحج وتعتمر.

أقول: هذه امرأة مباركة، وإنسانة موفقة، وينبغي أن تُشترى ولو بملء الأرض ذهباً؛ لأنها كما تعلم امرأة هجرت الكفر – ولله الحمد – وهي تعيش في أمريكا التي تعتبر الآن أعظم دولة في العالم، فهي تستمد هذه العزة من بلدها أيضاً؛ لأنها بلد كما تعلم يخضع له الشرق والغرب بلا نزاع، فجاءتك من مجتمع أرقى من مجتمعك ماديا، وعندما دخلت الإسلام لم تدخله طمعاً في شيء من عرض الدنيا؛ لأننا قد نجد أحياناً بعض الكفار يُسلمون من البلاد الفقيرة طمعاً في أي مساعدة أو أن ينتمي إلى أي دولة من دول الخليج أو غيرها حتى يعيش حياة كريمة، أما هذه تركت أمريكا التي هي المسيطرة على العالم، لتعيش في هذا البلد كغيرها من الناس، فمعنى ذلك أنها تنازلت عن أمور كثيرة، امرأة أسلمت طواعية واختياراً، امرأة تحافظ على القرآن الكريم وتتمنى حفظه رغم أنها أمريكية أعجمية تريد أن تتعلم اللغة العربية لتفهم دينها بطريقة أفضل، وتقوي إيمانها بصورة أعظم، والله إن مثلها لهدية ساقها الله إليك وأنت لا تدري.

هذا الكلام الذي ذكره أحد أصدقائك أو أصفيائك ليس صحيحاً؛ لأن هذه أفضل من مئات الآلاف من المسلمات اللواتي لا يعرفن اتجاه القبلة؟ المتبرجات اللواتي يقعن في المنكرات العظمى التي يهتز منها العرش – والعياذ بالله – إسلام بالوراثة لا تُعرف له قيمة ولا وزن، ويقال في حالات كثير من المسلمات، أليست هذه أولى؟! .. امرأة محجبة، امرأة ملتزمة، امرأة تحرص على تعلم دينها، في حين أن عندنا كثيراً من المسلمين الآن يتنصلون من الدين، ويغيرون أسماءهم حتى لا يقال بأنهم من المسلمين؟! أليست هذه أفضل من المسلمة التقليدية التي لا تعرف شيئاً عن أحكام الصلاة أو لا تقيم شرع الله تعالى؟!

وإنها هدية من الله تبارك وتعالى إليك، وأنا واثق أنها ستكون أقدر على تربية أولادك من أي امرأة تقليدية أخرى - وأنا مجرب هذا الكلام – خاصة إذا فهمت الفهم الصحيح، وهذا دورك أنت – فإذا منَّ الله عليك وأخذت بيدها وعلمتها الإسلام بطريقة صحيحة سوف تكون امرأة معجزة وامرأة منجزة وستخرج لك أجيالا عملاقة، تجمع ما بين حضارة أمريكا التي تعتبر الآن هي قمة الحضارة؛ وبين هذا الدين العظيم الذي فيه صلاح الناس دنيا وأخرى، وطبعاً هذه المرأة التي رُبيت على أصول ومبادئ ستستفيد منها في تنمية مهارات أولادك؛ لأنها امرأة عندها ضوابط ومعايير ليست عند المسلمين – واسمح لي ونحن من المسلمين – ما عندنا هذه الضرورات وتلك المعايير، عندهم أشياء رائعة ستنقل إليك الآن على طبق من ذهب مجاناً، تنقل إليك كل ما يتعلق بحياة الأمريكان المتميزة إلى بيتك، بجوار الإسلام، هي ستعطيك حضارة أمريكا، وأنت تعطيها الإسلام، فعلمها اللغة العربية سواء بك أو بغيرك، وتعلمها القرآن الكريم وتحج وتعتمر، هذه أشياء عظيمة؟! أشياء ليست مالية، الآن إذا أردت أن تتزوج ابنة عمك أو ابنة خالك كم ستدفع، وقد تكون امرأة لا تعرف عن الدين شيئاً، ولا تعرف منه شيئاً، ولا تقيم له وزنا، وقد تتعب معها حتى تصلي أو حتى تلبس الحجاب؛ لأن هذا الكلام – مع الأسف الشديد – هو الموجود الآن لدى الكثير من المسلمات الآن.

فهي فرصة ذهبية وأنا واثق أن أولادك منها سيكونون متميزين، وأنا أعرف إخوة كثر تزوجوا بنساء أجنبيات ومنَّ الله عليهم بالإسلام الصادق فخرج أبناؤهم متميزين جدّاً، جمعوا ما بين الإسلام وحضارة بلادهم فأصبحوا الآن من المنارات الكبيرة في الغرب، وهذا الكلام أعرفه بحكم زياراتي المتكررة، شريطة أن تتعلم الإسلام بطريقة صحيحة؛ لأنك إذا لم تعلمها فإنها قد تكون ضرراً عليك وعلى أولادك فعلاً؛ لأنها لا تعرف شيئاً، ستعلمهم ما تعلمته، وكما قال الشاعر:

ويُنشأ ناشئ الفتيان فينا *** على ما كان عوده أبوه

فإذن أقول -بارك الله فيك-: إنها فرصة نادرة لا تعوض، امرأة جاءتك ولم تطلب منك شيئاً من عرض الدنيا، والله إنها كما ذكرتُ لك لو تُباع لاشتريت بملء الأرض ذهباً؛ لأنها آوت إلى الله وتريد مهرها شرع الله تبارك وتعالى، فهي تذكرنا الآن - بارك الله فيك – بعصر الصحابيات الأوائل، المرأة التي كان مهرها {قل هو الله أحد}، المرأة التي كان مهرها الإسلام، والمرأة التي كان مهرها الجهاد في سبيل الله، ولم تأخذ شيئاً من عرض الدنيا ممن تقدم إليها من أصحاب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

فعلى بركة الله وعجِّل ولا تضيع هذه الفرصة، وأنت تعلم أنه لا يجوز أن تكون هناك علاقة ما بين مسلم ومسلمة خارج الإطار الشرعي، فتقدم إليها الآن وانظر من هو محرمها وانظر من الجهة التي تحتكم إليها – ولي أمرها – إذا لم يكن لها من ولي أمر باعتبار أنها هجرت بلاد الكفر وجاءت لبلاد الإسلام، فالقاضي ولي من لا ولي له، فتتزوجا عن طريق المحاكم الشرعية وتكتب لها مهراً محترما، دعك من هذا الكلام التي تقوله، أكتب لها صداقاً حتى تكون رجلاً منصفاً، وابدأ من بعد العقد عليها في تعليمها دين الله تعالى، وارفق بها، وكن قدوة حسنة لها حتى تحب الإسلام، وتأكد بأنها قادرة لو تعلمت الإسلام بطريقة صحيحة أن تكون داعية في بنات جنسها، فكل ذلك – يا صاحبي – يصب في ميزان حسناتك.

إياك أن تعاملها بالطريقة العربية الجاهلية، أتمنى أن تعاملها بالإسلام حتى تحببها أكثر وأكثر في الدين؛ لأنها الآن أحبت الإسلام نظرياً من خلال القراءات، فنريد أن يكون الجانب العملي أعظم من الجانب النظري، وهذه مسئوليتك وستسأل عنها بين يدي الله يوم القيامة؛ لأن هذه المرأة لو صحَّ إسلامها فعلاً وفهمت الفهم الصحيح وتعلمت اللغة العربية وأدركت الإسلام على حقيقته لعلها أن تكون فتحاً مبيناً على كثير من النساء فيدخل ذلك كله في ميزان حسناتك.

أما الإقامة معها في بلادها فهذه مسألة أخرى؛ لأنك تعلم أن الإقامة في بلاد الكفر عليها محاذير كثيرة، حتى وإن كانت هي من أهل هذه البلاد، فأرجو أن تؤجل هذه المسألة إلى حين، وبعد أن يتقوى الإسلام في قلبها وتُصبح مدركة اللغة العربية وتشعر فعلاً بأنها قد فهمت الإسلام فهماً صحيحاً، وتجعلها مشروعك الاستثماري الأعظم، ليس مجرد امرأة تقضي فيها حاجتك – أخي محمد – وإنما هذه امرأة تريد الدار الآخرة، فلابد أن تجتهد على تعليمها وتصبر عليها، المؤسسات التعليمية عندكم في الإمارات حاول أن تدفع بها إلى أن تتعلم وكلما ذكرت لك سوءة أو عيبا في المسلمين حاول أن تتلطف معها وتبين لها المسألة، ونحن نريد أن نقيم الإسلام الحق في بيتنا، حتى ينطلق منه إلى أنحاء الدنيا وأرجاء المعمورة.

أسأل الله أن يبارك لك فيها وأن يجمعك بها على خير، وثق وتأكد من أنك سترى نوعيات رائعة من الأبناء شريطة أن تُحسن تعليمها الإسلام؛ لأنك سترى تربية تختلف تماماً عن تربية بلادنا العربية، سواء أكانت في الخليج أو في غيره؛ لأن هؤلاء الناس لهم مواصفات في التربية، نتمنى أن نأخذها لنطبقها تكملة للنعمة العظيمة التي أكرمنا الله بها وهي الإسلام العظيم.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يكرمك بالتعجيل بهذا الزواج، وأن يرزقكما ذرية صالحة طيبة مباركة، وأن يجعلك عوناً لها على طاعته، وأن يجعلها عوناً لك على طاعته، وأن يجعلها في ميزان حسناتك، إنه جواد كريم.

والله ولي التوفيق.

www.islamweb.net