موقف الزوجة من انحرافات زوجها السلوكية

2008-07-21 08:46:08 | إسلام ويب

السؤال:
أنا امرأة في الثلاثين من عمري، تزوجت بعد طلاق دام ثمان سنوات من رجل يكبرني بعشرين عاماً، فوجئت في الأسبوع الأول من الزواج أنه كان يشاهد أفلاما خليعة، وأنه محتفظ بصور لبنات عاريات في ايميله أيام كان يعيش في الغرب، وأنا صدقوني لا ينقصني شيء من الجمال والإغراء، فأنا مهندسة وأعمل وأساعده في الغربة، هذه أول صدمة لي.

الصدمة الثانية: أدركت أنه يمارس العادة السرية إلى جانبي في الفراش التي أنا نائمة عليه.

سأصف لكم صفاته الإيجابية: كريم، سخي.

أما الصفات السلبية: عصبي، طويل اللسان، دائم وسريع الانفعال لأتفه الأسباب، لا يقبل نقاش، ولا توجد مساحة للحوار بيننا، يترجم حواره بالضرب والسب والشتم، وكم مرة ذهبت إلى المستشفى بسبب ضربه لي، واضطررت أخيراً وقرت أن أذهب إلى الشرطة لولا تدخل مدير المستشفى، وقام بتهديده أن لا يكرر هذا العمل، وفي حال التكرار سوف يقوم بتقديم ملفه إلى الشرطة، طبعاً زوجي أصابه نوع من الردع، لكن لا أعتقد أنه سوف يدوم طويلاً.

مع ملاحظة أني وإياه نعيش في الغربة وحدنا، ولي بنت تعيش في دولة أخرى مع أهلي، أخبرت والدتي بالموضوع، فقط هي التي تدري بكل المشاكل التي بيننا، والدي رجل كبير لم أخبره شيئاً، وأنا محتارة لأني قمت بجلب أمي وابنتي إلى بلدتي لأرى ابنتي، وقررت أن تعيشا معي، لكن أنا خائفة من تصرف هذا الزوج، فماذا تنصحوني هل من إصلاح له؟

قال لي طبيب مختص أنه يعاني من أعراض سايكوباثية.
والله أنا أعيش حياة تعيسة، ولا أشعر أني متزوجة أبداً.

ولكم جزيل الشكر.



الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إنسانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذه مشكلة حقيقية تعكسها تصرفات هذا الزوج - نسأل الله له الهداية -، ومنهجنا العلمي يحتم علينا أن نستمع إلى الطرف الآخر حتى نستطيع الوصول إلى التشخيص الصحيح، ولكن هذا غير متيسر لأني لا أعتقد أن زوجك سوف يقبل بأن يتواصل معنا.

عموماً هذه التصرفات التي تصدر منه تدل أنه مصاب باضطراب في الشخصية، وما وصفه الطبيب بأنه يعاني من شخصية (السيكوباطية) - أي الشخصية المضادة للمجتمع – لا أستطيع أن أقول أنه يحمل كل سمات هذه الشخصية، لديه بالطبع انحرافات ذات طابع جنسي، وحتى ممارسته للعادة السرية وهو بجانبك تدل أن خياله الجنسي منحرف إلى درجة كبيرة، كما أن قيامه بالاعتداء عليك بالضرب وهذه المعاملة التي فيها الكثير من عدم الرحمة والقسوة في المعاملة تدل على اضطرابات الشخصية، ولكن لا نستطيع أن نقول أنها ترقى للدرجة المطلقة لـ(السيكوباطية) لأن السيكوباطي دائماً يكون في محيط الجريمة، خاصة وأن هذا الرجل – نسأل الله له الهداية – يبلغ الآن من العمر خمسين عاماً.

والشخصية السيكوباطية عادة لا تصل إلى هذا العمر وتكون حرة طليقة، فغالباً تكون في غيابة السجون نسبة لما يقترفونه من أعمال مخالفة للقانون.

وعموماً لا أقول أن شخصيته سوية، أقول: إن شخصيته تحمل بعض سمات اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع وليس الاضطراب الكلي، وهذه الشخصيات يعرف عنها – خاصة في هذا العمر – أنها تعاني أيضاً من الاكتئاب النفسي، ومع هذا فأنا لا أحاول أن أجد مبرراً وعذراً لهذا الرجل، ولكن هذا الرجل أيضاً ربما يكون يعاني من اكتئاب نفسي ثانوي، وهذا دليل على وجود العصبية والانفعالات المفرطة وغير المنضبطة، واللجوء إلى الضرب وفقدان الحوار، هذه تناسب جدّاً الاكتئاب النفسي الذي يوجد لدى شخص لديه شخصية معتلة وغير متوازنة الأبعاد.


نصيحتي لك بالطبع تتمثل في العمل على الحفاظ على زوجك، هذا هو المبدأ الأول، هذه الشراكة وهذا الارتباط يجب أن تسعي بكل الطرق للحفاظ عليه، والأمر الآخر هو: أسأل الله أن يجعلك سبباً لهداية هذا الرجل، فأنت لديك - إن شاء الله تعالى – رسالة دعوية عظيمة، وهذه فرصة طيبة بأن تسعي لإصلاحه، وذلك بالتودد والتقرب إليه، والحوار معه، وبتحين الفرص التي يكون فيها مزاجه جيداً ومسترخياً.

حاولي أن تحثيه بالطبع على مكارم الأخلاق دون أن تجرحي شعوره، حاولي أن تضربي له أمثلة حية في الحياة موجودة لأسر مثالية، حاولي أن توصلي له حبك وودك، هذا هو المنهج الطيب والمنهج المطلوب.

ومن خلال تهدئة الأمور يمكنك بعد ذلك أن تجدي مدخلاً لنوع من العلاج الأسري، فهنالك علاج أسري يخص الأزواج وهو الحمد لله متوفر في معظم الدول الخليجية، وأعرف أن بدولة الإمارات العربية المتحدة خدمات طبية نفسية اجتماعية متقدمة، فيمكنك من خلال الحوار الهادئ مع زوجك في إقناعه بأن تذهبوا إلى العلاج الأسري، ومن الضروري جدّاً ألا تجعلي زوجك تحت الانطباع بأنه هو المريض، وأنه هو السبب في كل هذه المشاكل.

احملي رسالة له أن الصعوبات الزوجية غالباً ما تكون مشتركة من الطرفين، وهذا أعتقد أسلوب معقول ومقبول وطيب يمكن من خلاله أن يقبل للذهاب إلى مقابلة المختصين.
هو محتاج لعلاج وجلسات كلامية، وفي نظري أيضاً هو محتاج إلى أدوية مضادة للاكتئاب، وهنالك أيضاً أدوية تحد من الانفعالات والاندفاعات العدوانية، وهذه الأدوية معروفة لدى الأطباء، وأعتقد أن هذا الأخ يمكن أن يستفيد من ذلك كثيراً.

بالنسبة لوجود ابنتك معك فبالطبع يجب أن يكون هذا بقبوله ورضائه التام، وفي ذات الوقت أنا لا أريد بالطبع أن أجعل في نفسك أي نوع من الخوف أو المحاذير حيال زوجك، ولكني لا أستطيع أن أقيس الدرجة التي يمكن ائتمانه على ابنتك، هذا أيضاً أمر متروك لك، ويجب أن يكون لك الوعي والدراية الكاملة حيال هذا الأمر، ومن ثم يمكنك الحكم على الأمور هل فعلاً من الأفضل أن تكون ابنتك معك وأنت تعيشين مع زوجك.

وأعتقد أن وجود والدتك سوف يكون أمراً مطمئناً لدرجة كبيرة، ويمكنها أن تساهم في رعاية الابنة، فهذا في نظري عامل إيجابي، وهو وجود والدتك معك من أجل ملاحظة ورعاية ابنتك.

إذن: هذا هو التوجيه والإرشاد العام الذي أنصح به، وأرجو ألا تنظري إلى حياتك بأنها حياة تعيسة، هنالك صعوبات وهنالك تجارب، ولكن - إن شاء الله – لا يوجد فشل، والإنسان حين يعرف مشكلته أعتقد أن ذلك يمثل جزءاً كبيراً من الحل.

وكم شاهدنا من الزيجات التي كانت فيها الكثير من الصعوبات وكم مررنا بحالات كانت فيها الأزواج في منتهى الانحراف والقسوة، ولكن بعد فترة تبدل وتغير سلوكهم وكتب الله لهم الهداية، وبدأت الأسرة حياة سعيدة جديدة.

أسأل الله أن يحدث لكم هذا الأمر، بأن تتبدل الأحوال إلى صورة إيجابية، وأسأل الله تعالى أن يجعلك سبباً لهداية هذا الأخ، وأسأل الله تعالى أن يستمر هذا الزواج وتكون الأمور على خير.
وختاماً أرجو ألا تعتقدي أن حياتك قاسية وتعيسة، فإن شاء الله يأتي الفرج بعد كل هذه الآلام النفسية، وأسأل الله تعالى أن يجعلك سبباً لهداية هذا الزوج، وأن يكتب لكما حياة زوجية سعيدة.

وبالله التوفيق.

انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم المستشار النفسي، تليها إجابة المستشار الشرعي الشيخ موافي لإتمام الفائدة:

الأخت الفاضلة المهندسة إنسانة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يصلح لك زوجك، وأن يحسن خلقه، وأن يرزقك الصبر عليه، وأن يعينك على مساعدته على تغيير سلوكه.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي المهندسة وداد - فأعتقد أن السبب الرئيسي لهذه المشاكل هي الظروف الاجتماعية والحياتية التي مرت بكما معا، فأنت شخصياً عشت ثمان سنوات بغير مسئولية زوجية وتأقلمت حياتك على نمط الحرية الشخصية، وعدم مراعاة أي طرف سوى الله، فتنامين في الوقت الذي تحبين، وتخرجين متى تشائين وتأكلين ما تشتهين، هذه الحياة عادة ما تلقي بظلالها على تصرفاتنا وأنماط سلوكنا، ونحن لا ندري.

وهذا قاسم مشترك بينكما، فإذا ما حرص أحدكما على برمجة الآخر وفق رؤيته يحدث مثل هذا الصدام، ولكن لو حاول كل طرف أن يقدم بعض التنازلات لاستيعاب الآخر فقطعا ستكون الحياة رائعة بمعنى الكلمة، وبما أنك الطرف الأقوى ومنبع العطف والحنان، فأنا أطلب منك أن تكوني البادئة بذلك ولا تقفي طويلاً أمام ماضيه الذي عاشه قبلك، ولكن فقط ركزي اهتمامك على مساعدته في التخلص من آثاره، وبيني له برفق ولين أنه لا يليق برجل محترم مثله أن يحتفظ بمثل هذه الصور بعد أن منّ الله عليه بمن تعينه على غض بصره وتحصين فرجه، واجتهدي في الصبر عليه ولفت نظره إلى أخطائه بلطف، وبيني له أن المفروض في شخصين مثلكما أن يكونا في قمة السعادة نظراً لما يتمتعان به من خبرة وتجارب سابقة وسن مناسب.

وحاولي إقناعه بحاجتكما معاً لمراجعة بعض الاستشاريين النفسيين، وأن هذا شيء طبيعي جداً، وبخصوص استقدام والدتك وابنتك كم أتمنى أن يكون ذلك قد تم بالتنسيق معه؛ لأن هذا من حقه شرعاً حتى ولو لم يدفع شيئاً، ولابد كذلك من أخذ موافقته لإقامتهما معكما ورأيه معتبر شرعاً، فإذا ما وافق فلابد من وضع الضوابط الشرعية الكفيلة بعدم حدوث أي تجاوزات، خاصة إذا كانت ابنتك بالغلة أو قريبة من ذلك، مع ضرورة مساعدة والدتك لك في ذلك، وأن تتابعي هذا بنفسك دون تشكيك أو تاويل.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق في ذلك.


www.islamweb.net