ابنتي تزوجت وأنا غير راضية وتعاملني معاملة قاسية!

2008-11-29 14:00:46 | إسلام ويب

السؤال:
ابنتي تزوجت بدون رضا مني، وأخذت أباها معها لتثبت للناس أنها ما غلطت في حق أمها ما دام أبوها موافقاً، ولم تسأل عني إلا برنة جوال فقط، لم تحاول المجيء إلى بيتي، أنا الآن متأثرة من معاملة الابنة، أمعقول قسوة الأبناء لهذا الحد؟

أفيدوني ماذا أفعل؟!



الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rokaya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (إسلام ويب)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يصلح ما بينك وبين ابنتك، وأن يغفر لها وأن يتوب عليها، وأن يوفقها وأن يردها إلى رشدها وصوابها، وأن يعينها على أن تقوم بإصلاح غلطتها معك والقيام ببرك والإحسان إليك كما أمرها الله تعالى، كما نسأله تعالى أن يُذهب ما في نفسك عليها من غضب وعدم رضا، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإن هذا التصرف الذي حدث من ابنتك فعلاً ليس طبيعياً، وهو لا يليق أبداً ببنت مسلمة مع أمها المسلمة، بل ولا ببنت غير مسلمة مع أمها غير المسلمة؛ لأن المعروف أن البنات بالذات ميلهن إلى الأمهات أكثر، باعتبار أنها ستصبح أمّاً، ولذلك نجد أن الأبناء - سواء كانوا بنات أو ذكوراً – ميلهم إلى الأمهات عادة ما يكون أشد وأقوى من ميلهم إلى الأب؛ لأن الأب عادة مشغول، وأيضاً قد يكون فيه بعض الحسم أو الحدة، أما الأم فغالباً ما تكون هي مصدر العطف والرقة والحنان، ولذلك يميل إليها الأبناء ذكوراً وإناثاً بلا استثناء.

أما هذا الذي حدث الآن من أن ابنتك تزوجت بدون رضاً منك؛ فقطعاً هذه مسألة تحتاج إلى تفصيل، يعني: أنت لم توضحي سبب فعلها لهذا الأمر، قطعاً قد تكون لك وجهة نظر مغايرة عن وجهة نظرها، والله أعلم، أنت لم تبيني ذلك، ولكن في جميع الأحوال، فهي إذا كانت تزوجت دون رضاك ولم تكوني أنت مخطئة في موقفك فهي مخطئة، لأنها كان الأولى إذا كانت الأمور طبيعية أن تقف معك وأن تبين لك وجهة نظرها وأن تتحاور وأن تتناقش حول هذا الموضوع، أما إذا كنت أنت - بارك الله فيك – لم تكوني راضية رغم أن الأمور كانت شرعية، فإذناً لعلها استطاعت أو لعلها اقتنعت، أو لعل أباها أقنعها مثلاً بأن هذا التصرف طبيعي، وأنه من حقي أنا باعتباري أنا الولي، والولي هو الذي يستطيع أن يوافق أو لا يوافق باعتبار أنه الأب وأن موافقته هي الأساس في الزواج، على اعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا نكاح إلا بولي)، والولي هو الأب أو من كان في درجته، فلعل الأمر جاء من هذا الباب.

فإذا كانت الأمور طبيعية وهي لم تستأذنك ولم تأخذ رضاك ولا موافقتك على الزواج فهي مخطئة، أما إذا كان هناك شيء خاص وأنت لم تبينيه وكان موقفك غير طبيعي أو ضد مصلحتها؛ فأعتقد أن الأمر كان يحتاج إلى بعض الإيضاح حتى نعرف لماذا تزوجت هي دون رضاً منك، رغم أن المعهود والمعروف أن البنت سرها مع أمها، وأن أمها هي مصدر العطف والحنان والإلهام بعد الله تبارك وتعالى بالنسبة لها.

ولذلك كونها تزوجت بدون رضاك ولم تسأل عنك فقط إلا من الجوال هذا أيضاً خطأ كبير جدّاً، ولكن أنا لا أعرف السبب أو الدافع الذي جعلها تقف معك هذا الموقف وتتعامل معك بهذه الطريقة، حتى إنها لم تحاول المجيء إلى بيتك حتى لترضية خاطرك أو استعطافك، فهذا بلا شك تصرف غير طبيعي، وأنا حقيقة لا أدري لماذا فعلت ابنتك هذا التصرف، فإن هذا التصرف خطأ شرعاً، ولكن هل يا ترى هناك أسباب أدت لهذا الأمر؟ هل هناك أمور غير واضحة في الرسالة دفعتها إلى أن تتصرف هذا التصرف غير الطبيعي؟ الله أعلم، أنت لم توضحي شيئاً من ذلك، ولكن بحكم الكلام على ظاهر كلامك فإنها أخطأت في ذلك خطأً جسيماً، وأنا أتمنى - بارك الله فيك – ألا تحرميها أيضاً من دعائك، نعم أنا أعلم بأن هذه فيها قسوة وأن فيها هضماً لحقك، وهذا فيه اعتداء على حقك الشرعي، إلا أني أقول:

النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو على أبنائنا حتى وإن كنا مختلفين معهم؛ لأن دعوة الأم على ولدها مستجابة، وأنت الآن قد تكونين في حالات الغضب منها، من الممكن أن تدعي عليها دعوة فتتحقق فيها فتندمين أنت على ذلك ندماً كبيراً، ولذلك أنا أوصيك رغم هذه المعاملة القاسية منها أن تكثري من الدعاء لها أن يصلح الله حالها وأن ييسر الله أمرها وأن يوفقها الله تبارك وتعالى في حياتها، كما تكثرين من الدعاء أن يُذهب الله هذه القسوة من قلبها وأن ترجع إليك لتعاملك المعاملة الطبيعية ما بين كل بنت وأمها.

والنبي عليه الصلاة والسلام بيَّن فقال: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنَّ) من هذه الدعوات الثلاث: دعوة الوالد لولده، والوالد هنا يشمل الأم والأب، فعليك أن تأخذي بالك بأن دعوتك مستجابة، فأرجو ألا تدعي عليها كرد فعل لهذه القسوة غير المعقولة التي فعلتها معك.

كذلك أيضاً النبي عليه الصلاة والسلام نهانا فقال: (لا تدعو على أنفسكم ولا على أولادكم ولا على أموالكم)، فمهما كان فساد الأبناء لا ينبغي أبداً بحال من الأحوال أن ندعو عليهم، لسبب واحد: (لئلا توافقوا ساعة إجابة فيستجيب الله لكم)، فاحتمال أن هذا الوقت الذي تتوجه فيه الأم أو الأب بالدعاء على أولادهم تكون هناك ساعة إجابة فيستجيب الله لهم، وأنا أعرف الكثير، أعرف امرأة ولدها أزعجها وأسمعها ما تكره، وكان بينها وبينه خلاف شديد، المهم أنه رفع صوته عليها وأهانها، فدعت عليه وقالت: (أسأل الله عز وجل أن تخرج فلا ترجع)، وفعلاً بمجرد أن خرج من البيت بعد حوالي نصف ساعة جاءها الخبر بأن سيارة قد دهسته، وفعلاً لم يدخل البيت بعد ذلك، وإنما أُخذ من الطريق إلى المستشفى، ومن المستشفى انتقل بعد ذلك إلى المقابر ولم يرجع إلى بيته، والأم الآن في غاية الحزن على هذا التصرف، ولكن لا توجد فرصة للإصلاح.

هذا كله سبب لهذا الأمر، فأنا أستحلفك بالله تعالى ألا تدعي عليها حتى لا يزيد وضعها سوءاً، ولا يزيد أمرها قسوة أكثر من ذلك، وإنما ادعي لها، وإذا ما جاءتك فحاولي استقبالها، كما لو كانت لم تصنع شيئاً، أو عاتبيها معاتبة خفيفة، وأسأل الله تعالى أن يصلح ما بينكما، وأن يرد ابنتك إليك مردّاً جميلاً، وأن يعيد المياه إلى مجاريها لتتدفق ينابيع الحب لديك بالعواطف الجياشة التي تُعرف عن الأم تجاه أبنائها.

هذا وبالله التوفيق.

www.islamweb.net