الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من وكل شخصا في دفع الزكاة من ماله

السؤال

لقد جمعت زكاة الفطر655$ و420$ زكاة المال و50 $ صدقة في كندا و أرسلتها إلى الجزائر مع أخ ذي ثقة لإعطائها لأخي كي يخرجها هناك فتعذر علي الاتصال به لما وصل الجزائر و خفت أن لا تخرج الزكاة في وقتها, فطلبت من أخي أن يخرج قيمتها من ماله ثم أرجعها له لما أتصل بذاك الأخ.
لكن لما اتصلت بذاك الأخ وجدت أنه قد أعطى زكاة الفطر لشخص آخر لإخراجها.
فطلبت من أخي أخد زكاة المال و صدقة و مال آخر لتسديد دينه.
فهل يجوز لي أن أعتبر أن زكاة المال والصدقة التي سدد بها أخي دينه قد أخرجت ووفيت حقها؟ أم ماذا ترون؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

الأصل في زكاة الفطر أن تخرج طعاما مما تخرج منه شرعا، وبعض أهل العلم يقول بجواز إخراجها نقودا إذا ترتب على ذلك مصلحة للفقراء، ولا يجزئ إخراج زكاة الفطر بغير نية، ويجزئ التوكيل في شأن توزيع الزكاة والصدقة ولو كان الموكل قدأمر الوكيل بدفعها من ماله الخاص ليدفع له نظير ما خرج من يده.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل في زكاة الفطر إخراجها طعاما مما تخرج منه شرعا ولا تخرج نقودا، وهذا مذهب جمهور أهل العلم، وراجع الفتوى رقم: 71201، والذي ظهر لنا في السؤال أنك أفرزت هذا المال وسلمته لهذا الأخ ليوصله إلى أخيك وكنت ناويا وقت إفرازه وتسليمه أنه زكاة، فإذا كان الأمر كذلك فإن صرف هذا الأخ للمال في مصاريف الزكاة وإعلامك بذلك يجزئ عنك، ولا تطالب بإخراج الزكاة ثانية.

قال العلامة محمد الرملي الشافعي في نهاية المحتاج بشرح المنهاج: ولو نوى الزكاة مع الإفراز فأخذها صبي أو كافر ودفعها لمستحقها، أو أخذها المستحق لنفسه، ثم علم المالك بذلك أجزأه وبرئت ذمته فيها لوجود النية من المخاطب بالزكاة مقارنة لفعله، ويملكها المستحق، لكن إذا لم يعلم المالك بذلك وجب عليه إخراجها. انتهى.

ويجزئك توكيل أخيك في شأن توزيع الزكاة أو الصدقة أو تأمره بدفعهما من ماله ثم تؤديهما له.

ففي المجموع للنووي: له أن يوكل في صرف الزكاة التي له تفريقها بنفسه, فإن شاء وكل في الدفع إلى الإمام والساعي , وإن شاء في التفرقة على الأصناف، وكلاهما جائز بلا خلاف, وإنما جاز التوكيل في ذلك مع أنها عبادة; لأنها تشبه قضاء الديون; ولأنه قد تدعو الحاجة إلى الوكالة لغيبة المال وغير ذلك. قال أصحابنا: سواء وكله في دفعها من مال الموكل أو من مال الوكيل فهما جائزان بلا خلاف .

وقال المرداوي في الإنصاف: لو قال شخص لآخر: أخرج عني زكاتي من مالك ففعل: أجزأ عن الآمر, نص عليه في الكفارة, وجزم به جماعة منهم المصنف في الزكاة. واقتصر عليه في الفروع. قال في الرعاية بعد ذكر النص: وألحق الأصحاب بها الزكاة في ذلك. انتهى.

وإذا كان أخوك قد أخرج زكاة المال والصدقة من ماله فلك أن تدفع له بقدر ما خرج من يده من المال الذي كنت أفرزته زكاة لأن الإفراز وحده لا يعينه زكاة، فلك أن تتصرف فيه مثل ذلك ما لم يقبضه المستحق.

قال العلامة الرملي رحمه الله: ولو أفرز قدرها ونواها لم يتعين ذلك القدر المفرز للزكاة إلا بقبض المستحق له سواء أكانت زكاة مال أو بدن. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني