الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

فعن سؤال الفتوى رقم: 100235 فإنها تخص داعية تركي يكتب تحت الاسم المستعار هارون يحيى وقد قرأت له عدة كتب و فلاشات دعوية توضح مناحي إعجاز القرآن الكريم، وأنا أرى أنها جيدة وبأنه يقوم بمجهود جيد في الدعوة إلى الدين الحنيف في مختلف أنحاء العالم، إلا أنه ذكر في جواب له لسؤال على قناة الجزيرة القطرية على أنه لم يتزوج ليتفرغ للمجال الدعوي، و بعد استفسار مذيع القناة على أن الداعية هو الأجدر بالزواج لأنه يقدم مثلا، أجاب الداعية بأن هناك حديثا يحث على عدم الزواج في آخر الزمان، وأنه مستعد أن يعطي للمذيع مصدره بعد اللقاء، فإذا كان الحديث موضوعا فهل يدعو هذا إلى التعامل مع مؤلفاته بنوع من الريبة، فالمرجو الإيضاح في هذه المسألة لأن تلك المؤلفات تستحق أن ينظر إليها.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

لم نقف مما اطلعنا عليه من دواوين السنة وكتب العلم على ما يدل على الحث على ترك الزواج آخر الزمان، ولا ندري مستند ذلك الأخ. والثابت عنه صلى الله عليه وسلم هو الحث على الزواج والترغيب فيه، وإن كان الزواج تعتريه أحكام الإسلام الخمسة، وعلى كل فالتثبت من أقوال ذلك الأخ أو غيره في كتبه مطلوب شرعا وهو الأولى.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني. رواه البخاري ومسلم.

والزواج تعتريه أحكام الإسلام الخمسة قد يكون واجبا أو مندوبا أو محرما أو مكروها أو مباحا كما بينا في الفتوى رقم: 66879.

ومن ترك الزواج لا رغبة عنه، ولكن لقيام عذر له أو لكونه ليس به حاجة أو يرى تأجيله تقديما لبعض الأولويات فهو معذور، وأما من تركه لأجل أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم يحث على ذلك في آخر الزمان فهو على غير الصواب، ولم نقف فيما اطلعنا عليه من دواوين السنة وكتب أهل العلم على ما يدل على ذلك، وهو يخالف الأحاديث الدالة على الدعوة إليه والترغيب فيه. ومهما يكن من أمر فإنا لا نعلم مستند ذلك الأخ فيما زعم، وإن كان الأثر الذي يزعم وجوده موضوعا أو ضعيفا فإن ذلك لا ينقص من قدره وقيمة كتبه. فهو قد يخطئ ويعلم شيئا وتغيب عنه أشياء. وكل الناس كذلك، ولو ترك كل أحد لخطئه ما بقي أحد. والمنهج الصحيح أن لا يغلو أحد في أي شخص كائنا من كان، وإنما يرى أن كل إنسان يخطئ ويصيب.

قال مالك رحمه الله: كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر. يعني النبي صلى الله عليه وسلم. والرجل إن كان مرضيا في منهجه مستقيما في سلوكه غير أنه استدل بحديث ضعيف أو موضوع نتيجة خطأ لا تدليسا ولا رغبة عن السنة الثابتة فهو معذور، فإن ثبت فعله لذلك تدليسا وخداعا أو ثبت عدم تثبته فيما ينقل فحينئذ نقول ينبغي لمن يقرأ كتبه أو يسمع أقواله أن يتثبت منها.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني