الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل يرث القاتل؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

لا يرث القاتل عمدًا مطلقًا، ويرث القاتل خطأً من التركة دون الدية، على الراجح.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فإن القتل في الجملة من موانع الإرث، وفيه تفصيل:

فالقاتل عمدًا، لا يرث مطلقًا -لا من المال، ولا من الدية- باتفاق أهل العلم، قال ابن المنذر في الإجماع: وأجمعوا على أن القاتل عمدًا لا يرث من مال من قتله، ولا من ديته شيئًا. اهــ.

وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا يرث قاتل العمد من مال، ولا دية. والأصل في ذلك: ما رواه مالك، وأحمد، وغيرهما مرفوعًا: لا يرث القاتل شيئًا. وفي رواية: ليس لقاتل ميراث. وفي رواية: ليس لقاتل شيء. اهــ.

وأما القاتل خطأً، فقد اختلف الفقهاء هل يرث أم لا: فذهب الشافعية، والحنفية إلى أنه لا يرث مطلقًا، كالقاتل عمدًا، وذهب المالكية، إلى أنه يرث من المال دون الدية، وللحنابلة شيء من التفصيل، جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ الْقَتْل الْخَطَأَ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْحِرْمَانِ مِنَ الْمِيرَاثِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْقَاتِل لاَ يَرِثُ، وَلأِنَّ الْقَتْل قَطَعَ الْمُوَالاَةَ، وَهِيَ سَبَبُ الإْرْثِ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّ مَنْ قَتَل مُوَرِّثَهُ خَطَأً، فَإِنَّهُ يَرِثُ مِنَ الْمَال، وَلاَ يَرِثُ مِنَ الدِّيَةِ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّ الْقَتْل الْمَضْمُونَ بِقِصَاصٍ، أَوْ دِيَةٍ، أَوْ كَفَّارَةٍ، لاَ إرْثَ فِيهِ. فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَضْمُونٍ، كَمَنْ قَصَدَ مُوَلِّيَهُ مِمَّا لَهُ فِعْلُهُ مِنْ سَقْيِ دَوَاءٍ، أَوْ رَبْطِ جِرَاحَةٍ فَمَاتَ، فَيَرِثُهُ. اهـــ.

فعلى ما رجّحه المالكية، ومن وافقهم، فإن القاتل خطأً يرث من المال دون الدية؛ لأن الميراث هو الأصل؛ لثوبته بالكتاب، والسنة، وخصّ منه قاتل العمد، فوجب البقاء على الأصل فيما سواه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني