الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الميراث إذا كان وديعة في بنك ربوي

السؤال

توفيت أمي وتركت لنا مبلغا من المال في البنك، فهل يجب أن أخرج الزيادة مع العلم بأنني أحتاج لها، وهل تأثم أمي إن لم أخرجها؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

من ورث فوائد ربوية يجب عليه التخلص منها بصرفها في مصالح المسلمين العامة أو إنفاقها على الفقراء والمساكين، وإذا كان الوارث نفسه فقيراً جاز له أن يأخذ منها بقدر حاجته.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالزيادة المترتبة على الإيداع في البنك الربوي تعتبر زيادة ربوية لا تطيب لصاحب الوديعة ولا لوارثه بعد موته، قال ابن رشد الجد المالكي: وأما الميراث فلا يطيب المال الحرام هذا هو الصحيح الذي يوجبه النظر. انتهى.

وقال النووي في المجموع: من ورث مالاً ولم يعلم من أين كسبه مورثه أمن حلال أم من حرام؟ ولم تكن علامة فهو حلال بإجماع العلماء، فإن علم أن فيه حراماً وشك في قدره أخرج قدر الحرام بالاجتهاد... انتهى. ولا شك أنه في الودائع البنكية يمكن معرفة قدر الحرام، وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى عن رجل مراب خلف مالاً وولداً وهو يعلم بحاله، فهل يكون حلالاً للولد بالميراث أم لا؟ فأجاب: وأما قدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه: إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا تصدق به، والباقي لا يحرم عليه لكن القدر المشتبه يستحب تركه... وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما جعل ذلك نصفين. انتهى.

وبناء على ما تقدم فيلزم الورثة أن يصرفوا هذه الفائدة الربوية في وجوه البر ومصالح المسلمين، ولا ينبغي لهم تركها للبنك لأنه ليس هو من أخذت منه بل هو كان مجرد وسيط بأجر بين والدكم ودافعي الفوائد... وإذا كان الوارث فقيراً محتاجاً إلى هذا المال فلا بأس أن يأخذ منه بقدر حاجته، قال النووي في المجموع: وإذا دفعه -المال الحرام- إلى الفقير لا يكون حراماً على الفقير بل يكون حلالاً طيباً، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيراً، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضاً فقير.

وأما عن السؤال إذا لم يقم الوارث بإخراج هذه الفائدة في مصرفها الشرعي هل يأثم الميت أم لا؟ فجوابه أن الميت أثم يوم أجرى عقد الربا، وأثم حين قدر على إخراج الفائدة ولم يفعل، أما بعد موته فالواجب في إخراج هذه الفائدة متجه إلى الورثة لأنهم هم من بأيديهم المال الحرام فهم المطالبون بالتصرف حسب الشرع... ولكن إخراجهم لها قد ينفع أباهم لأنه ينقطع عنه بها بعض التبعات والعلم عند الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني