الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحسن الظن بالله والتوبة النصوح مقبولة بإذن الله

السؤال

أنا تبت إلى الله عزوجل والحمد لله وعرفت أن من شروط التوبة رد المظالم إلى أصحابها ففعلت ذلك والحمد لله رددت كل المظالم إلى أصحابها وأصلحت كل ما أفسدت وبقيت أناقش كثيرا وأراجع نفسي عدة أيام وعدة مرات وأفكر لأرى هل بالفعل أصلحت كل ما أفسدت فوجدت بعد تفكير ومراجعات عديدة أني بالفعل والحمد لله أصلحت كل ما أفسدت حقا ولكن مع كل ذلك فأنا أشعر بالتقصير وأخاف أن يكون إصلاحي لما كنت أفسدت غير كاف وأخاف من الله أن يعذبني بسبب ذنوب العباد, لأني مع أني أصلحت كل ما أفسدت فإني لا زلت أشعر بالتقصير وأخاف من الله أن يعذبني إذا كنت قصرت وأنا لا أدري ولا أشعر, وأخاف أن يحملني ربي ذنوب العباد خوفا شديدا وأخاف أيضا أن أكون قصرت مع أني راجعت نفسي كثيرا ووجدت أني أصلحت كل شيء كنت أفسدته لكن مع ذلك لا زلت خائفا من الله ولا زلت أشعر بالتقصير والذنب, حتى أني أقول ليتني أصبحت مثل يوم ولدتني أمي بريئا من الذنوب, والله أنا ندمت كثيرا وأنا خائف جدا من أن يحملني الله ذنوب الناس وأريد أن أتفرغ للعبادة والاستغفار؛ لكني أخاف من الله أن أكون قصرت وأن لا يتقبل الله مني إصلاحي لما أفسدت وأن يعذبني والعياذ بالله وأن لا يتقبل عملي وعبادتي بسبب ذنوب العباد وذنوبي والعياذ بالله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أخي الكريم: أن من تاب إلى الله توبة نصوحا وهي المستوفية لشروطها فإن الله تعالى يقبل توبته مهما عظمت ذنوبه، فإن رحمة الله وسعت كل شيء، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53}.

وإن من أسمائه سبحانه وتعالى الغفور الرحيم، فهو سبحانه وتعالى غفور رحيم بعباده.

قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طـه:82}.

وقد أخرج مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح .

وروى مسلم أيضا في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم.

وقال تعالى في حديث قدسي: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن أدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض الخطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي وقال حديث غريب وصححه الألباني .

فالله سبحانه وتعالى كريم حليم يتجاوز عن المسيء مهما عظم ذنبه، والمسلم الحق هو الذي يجمع بين الخوف والرجاء، فهو يخاف من عذاب الله ولكن يرجو رحمته سبحانه، فكما قال الإمام أحمد: أيهما غلب على الآخر هلك العبد .

فعليك أخي الكريم أن تحسن الظن بالله عز وجل فإن من رحمته سبحانه وتعالى أن يبدل سيئات من تاب إليه إلى حسنات.

قال تعالى: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:70}.

ومن عدله سبحانه أنه لا يأخذ شخصا بجريرة غيره. قال تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}.

ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2969 ، 9024، 3184 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني