الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب غسل البيت لكون السكان السابقين كانوا يقتنون كلبا

السؤال

هل يجب غسل البيت سبع مرات بالماء و منها واحدة بالتراب في حال أردت السكن في بيت وكانت هناك عائلة تسكن في البيت قبلي تقتني كلبا ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل في الأشياء الطهارة، ومن ثم فإنه لا يجب تطهير شيء من هذا البيت إلا إذا علمت نجاسته، وإذا علمت النجاسة فإنها إذا كانت على الأرض ولو كانت نجاسة كلب طهرت بصب الماء عليها حتى تزول، ولا يشترط فيها عدد ولا تتريب.

قال في المبدع: النجاسات كلها ) سواء كانت بولا أو خمرا أو نجاسة كلب وخنزير ( إذا كانت على الأرض ) وما اتصل بها من الحيطان والأحواض فالواجب مكاثرتها بالماء، لما روى أنس قال: جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فقام إليه الناس ليقعوا به فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء. متفق عليه.

ولو لم يطهر بذلك لكان تكثيرا للنجاسة، ولأن الأرض مصاب الفضلات ومطارح الأقذار فلم يعتبر فيه عدد دفعا للحرج والمشقة، والمراد بالمكاثرة صب الماء على النجاسة حتى يغمرها بحيث يذهب لونها وريحها فإن لم يذهبا لم يطهر وإن كان مما لا يزال إلا بمشقة سقط كالثوب ذكره في الشرح، وكذا حكمها إذا غمرت بماء المطر والسيول لأن تطهير النجاسة لا تعتبر فيه النية فاستوى ما صبه الآدمي وغيره. انتهى.

وبه تعلم أن الواجب هو صب الماء على الموضع الذي يتيقن أنه أصابه شيء من فضلات هذا الكلب، وتجدر الإشارة إلى أن بعض العلماء ذهبوا إلى أن الأرض وما اتصل بها اتصال قرار تطهر بالجفاف وهو مذهب الحنفية واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.

قال في الروض: ولا يطهر متنجس ولو أرضا بشمس ولا ريح.

قال ابن قاسم معلقا: بل بغسل لأنه عليه الصلاة والسلام أمر بغسل بول الأعرابي، ولو كان ذلك يطهر لاكتفى به، و(لو) إشارة إلى أنه محل خلاف، وعنه: تطهر إذا لم يبق أثر النجاسة بها وفاقا، لأبي حنيفة وغيره، واختاره المجد وغيره. قال الشيخ: وهو الصواب، ويجوز التيمم عليها، بل تجوز الصلاة عليها بعد ذلك، ولو لم تغسل، ويطهر غيرها بالشمس والريح أيضا نص عليه، والأمر بالصب على بول الأعرابي يحصل به تعجيل تطهير الأرض، فإذا لم يصب الماء عليها فإن النجاسة تبقى إلى أن تستحيل.

وفي الصحيح أن الكلاب تقبل وتدبر وتبول في المسجد ولم يكونوا يرشون شيئا من ذلك، كذا أثبته الشيخ في رسائله، وذكره التركماني في بعض نسخ البخاري، ولو كانت النجاسة باقية لوجب غسله، فحيث استحالت لم تحتج إلى غسل، وحديث غسل بول الأعرابي عقب بوله، والنجاسة ظاهرة، فإذا ذهبت بالشمس أو الريح أو الاستحالة فمذهب الأكثر طهارة الأرض، وجواز الصلاة عليها، هذا مذهب أبي حنيفة وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد، والقول القديم للشافعي، وهذا القول أظهر. جزم به الشيخ وغيره، ولم يرد نص بغسل كل ما قد كان تنجس على سبيل التعبد. انتهى.

فعلى هذا المذهب لا يجب غسل شيء أصلا إذا كانت النجاسة قد جفت بالشمس أو الريح، ومذهب الجمهور هو الأحوط.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني