الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يعذب الطفل أو يفتن في قبره

السؤال

أريد من سعادتكم تخريج هذا الحديث وذكر مدى صحته من عدمه؟ وهل يجوز الاستدلال به في مسألة العقيدة في قسم (هل يفتن غير المكلفين). الحديث: روى مالك وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على الطفل، فقال: " اللهم قه عذاب القبر وفتنة القبر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا الأثر رواه مالك في الموطأ عن أبي هريرة موقوفا عليه، وسنده لا شك في صحته، وهو في الموطأ هكذا: مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى صَبِيٍّ لَمْ يَعْمَلْ خَطِيئَةً قَطُّ. فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. وقد روي هذا الحديث مرفوعا، واختلف في إسناده، وأشار ابن تيمية إلى ضعفه.

قال العراقي في تخريج الإحياء: حَدِيث إِنَّه كَانَ يُصَلِّي عَلَى طِفْل فَسمع فِي دُعَائِهِ يَقُول: «اللَّهُمَّ قه عَذَاب الْقَبْر وَعَذَاب النَّار» أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أنس أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى عَلَى صبي أَو صبية وَقَالَ «لَو كَانَ أحد نجا من ضمة الْقَبْر لنجا هَذَا الصَّبِي» وَاخْتلف فِي إِسْنَاده، فَرَوَاهُ فِي الْكَبِير-يعني الطبراني- من حَدِيث أبي أَيُّوب أَن صَبيا دفن فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم «لَو أفلت أحد من ضمة الْقَبْر لأفلت هَذَا الصَّبِي. انتهى.

وحديث أبي أيوب المذكور.

قال الهيثمي في المجمع: رجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني، ولا شك في أن هذا الأثر الموقوف والحديث المختلف في صحته مرفوعا يصلح حجة للقائلين بأن غير المكلفين يفتنون في قبورهم، وهو أحد القولين في المسألة ورجحه شيخ الإسلام رحمه الله.

جاء في مختصر الفتاوى المصرية ما لفظه: والامتحان فِي البرزخ لمن كَانَ مُكَلّفا فِي الدُّنْيَا إِلَّا النَّبِيين ففيهم قَولَانِ لِأَصْحَابِنَا وَغَيرهم، وَأما امتحان غير الْمُكَلّفين فِي الدُّنْيَا كالصبيان والمجانين ففيهم قَولَانِ لِأَصْحَابِنَا وَغَيرهم أَحدهمَا لَا يمْتَحنُونَ وعَلى هَذَا فَلَا يلقنون وَهَذَا قَول القَاضِي وَابْن عقيل.

وَالثَّانِي يمْتَحنُونَ فِي قُبُورهم ويلقنون وَهُوَ قَول أَكْثَرهم حَكَاهُ ابْن عَبدُوس عَن الْأَصْحَاب وذكره أَبُو حَكِيم وَغَيره وَهُوَ أصح كَمَا ثَبت عَن أبي هُرَيْرَة، وروى مَرْفُوعا أَنه صلى على طِفْل لم يعْمل خَطِيئَة قطّ فَقَالَ: اللَّهُمَّ قه عَذَاب الْقَبْر وفتنة الْقَبْر. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني