الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

لقد قال لي أحد طلبة العلم إن التحية بكلمة: مرحبا ـ من السنة واستدل لي بحديث في صحيح البخاري على ذلك وسأنقل لكم هذا الحديث: عن عبدالله بن عباس قال: كنت أقعد مع ابن عباس يجلسني على سريره فقال: أقم عندي حتى أجعل لك سهما من مالي، فأقمت معه شهرين، ثم قال: إن وفد عبد القيس لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قال: من القوم، أو من الوفد؟ قالوا: ربيعة، قال: مرحبا بالقوم، أو بالوفد، غير خزايا ولا ندامى فقالوا: يا رسول الله، إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر الحرام، وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، فمرنا بأمر فصل، نخبر به من وراءنا، وندخل به الجنة، وسألوه عن الأشربة: فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع أمرهم: بالإيمان بالله وحده، قال: أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس ونهاهم عن أربع: عن الحنتم والدباء والنقير والمزفت، وربما قال: المقير، وقال: احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم، وسؤالي: هل تعتبر كلمة مرحبا من السنة؟ وهل يمكن أن أقولها بدلاً من السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟ وهل إذا كانت من السنة سيكون ثوابها أقل من السلام كاملاً؟ وأخيراً إذا قلتم لي أنها ليست من السنة فهل يجوز أن أقولها وأحيي بها الناس حتى ولو لم تكن من السنة؟ أي باختصار هل تجوز التحية بأي لفظ حتى ولو لم ترد به السنة؟ واعذروني على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحديث المشار إليه رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وكلمة مرحبا وغيرها من العبارات التي تقال للضيف والقادم إيناسا وتكريما مثل أهلا وسهلا ونحوها، كل ذلك من إكرام الضيف ومكارم الأخلاق، لكنها لا تقوم مقام السلام تحية الإسلام وليس فضلها مثل فضله، فإن البدء بالسلام سنة, ورده واجب, لقول الله تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا {النساء: 86}.

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإفشائه بصفة خاصة، وهو من شعائر الإسلام الظاهرة، ومن أسباب المحبة بين المسلمين التي هي من أسباب دخول الجنة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم.

وعلى هذا، فلا ينبغي الاقتصار على كلمة مرحبا ولا غيرها من عبارات الترحيب، لأن تحية الإسلام هي السلام؛ ولكن لو حياه بغير ذلك جاز، كما بيناه في الفتوى رقم: 19566 فراجعها.

ومعنى مرحبا أي صادفت رحبا وسعة، قال الحافظ ابن حجر عند شرح الحديث المذكور: وفيه دليل على استحباب تأنيس القادم وقد تكرر ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، ففي حديث أم هانئ مرحبا بأم هانئ، وفي قصة عكرمة بن أبي جهل مرحبا بالراكب المهاجر، وفي قصة فاطمة مرحبا بابنتي، وكلها صحيحة، وأخرج النسائي من حديث عاصم بن بشير الحارثي عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما دخل فسلم عليه: مرحبا وعليك السلام. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني