الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم زواج المحكوم عليه بالإعدام

السؤال

ما حكم زواج المحكوم عليه بالإعدام؟ أرجو الإجابة مع ذكر الآراء والأدلة والترجيح بينها وإحالتي إلى كتب أو أبحاث عن هذا الموضوع للضرورة القصوى.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالشخص المحكوم عليه بالإعدام مثله مثل المريض مرضا مخوفا، بل هو أشد حالا منه كما صرح بذلك أهل العلم، قال ابن العربي: وإذا استوعبت النظر لم ترتب في أن المحبوس على القتل أشد حالا من المريض، وإنكار ذلك غفلة في النظر، فإن سبب الموت موجود عندهما، كما أن المرض سبب الموت، قال الله تعالى: ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون. انتهى.

وقد اختلف أهل العلم في صحة نكاح المريض مرضا مخوفا، فذهب الجمهور إلى صحته، وخالف المالكية في ذلك فمنعوه، لما فيه من إدخال وارث، جاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: نكاح المريض صحيح, ترث المرأة في قول جماهير علماء المسلمين من الصحابة والتابعين, ولا تستحق إلا مهر المثل, لا تستحق الزيادة على ذلك بالاتفاق. انتهى.

وجاء في شرح المهذب: قال الشافعي: ويجوز نكاح المريض، قلت: إذا تزوج امرأة صح نكاحها ولها الميراث والصداق إن لم يزد على صداق مثلها، فإن زاد ردت الزيادة إن كانت وارثة، وأمضيت إن كانت غير وارثة. اهـ.

وفي المحلى لابن حزم: مسألة: وتزويج المريض الموقن بالموت, أو غير الموقن مريضة كذلك أو صحيحة جائز, ويرثها وترثه، مات من ذلك المرض أو صح ثم مات، وكذلك للمريضة الموقنة وغير الموقنة أن تتزوج صحيحا أو مريضا, ولها في كل ذلك الصداق المسمى كالصحيحين ولا فرق، وقال مالك: يفسخ نكاح المريض قبل الدخول وبعد الدخول. اهـ.

وجاء في شرح الخرشي المالكى أثناء الحديث عن المريض مرض الموت والمحبوس للقتل ونحوهما، قال: وخرج بالمالية النكاح والخلع وصلح القصاص فيمنع من ذلك كمنع التبرعات.
وفى حاشية الدسوقي المالكى: ومن قبيل التبرعات النكاح والخلع فيمنع من ذلك كمنع التبرعات. انتهى.

والظاهر رجحان مذهب الجمهور لعدم ورود دليل للمنع والأصل الإباحة، وسبق أن بينا حكم الزواج عند الاحتضار، كما في الفتوى رقم: 105383.

فإذا تقرر أن المحكوم عليه بالإعدام مثل المريض مرض الموت لوجود سبب الموت عند كل منهما، وأن الراجح وهو مذهب جمهور أهل العلم صحة نكاح المحتضر صح القول بصحة زواج المحكوم عليه بالإعدام.

وأما الكتب التي يمكن مطالعة هذا الموضوع فيها فهي كتب الفقه كلها، عند باب النكاح وباب الحجر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني