الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من مات وهو مصر على فاحشة اللواط

السؤال

علمنا أن المؤمنين في أعمالهم 3 أقسام منهم: 1ـ السابق بالخيرات.2ـ المقتصد.3ـ الظالم لنفسه.والظالمون لـأنفسهم ـ العصاة ـ مصيرهم الجنة -بإذن الله- بعد أن يعذب كل أحد بقدر ذنوبه، وسؤالي: إذا كان الشخص مسلما ـ يفعل أركان الإسلام الخمسة ـ ومؤمن معترف وموقن بأركان الإيمان وموحد بالله ولكنه مات وهو لم يتب من اللواط، فما حاله يوم القيامة والحساب؟ وهل هو مخلد في النار مثل الكافرين وتؤصد عليه النار ولا يخرج منها؟ أم إنه مسلم ظالم لنفسه يعذب بقدر ذنوبه وكبيرته ثم يدخله الله الجنة برحمته، لأنه حسب علمي المتواضع ذكر في القرآن والسنة أنه لا يبقى في النار موحد يشهد أن لا إله إلا الله، فجميع من يشهدها يخرج، ومن بعده تكون النار مؤصدة على الكفرة، أفيدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاللواط من كبائر الذنوب، ومرتكبه على خطر عظيم، وهو عرضة أن تسوء خاتمته ـ والعياذ بالله ـ وهو من أعظم الذنوب مفسدة ولذا كان من أشدها عقوبة، قال ابن القيم ـ رحمه الله: ليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط وهي تلي مفسدة الكفر وربما كانت أعظم من مفسدة القتل. انتهى.

ولكنه لا يخرج فاعله من الملة، فمن مات مصرا على هذا الذنب العظيم فحكمه عند أهل السنة حكم أصحاب الكبائر إن مات على التوحيد، فإما أن يعفو الله عنه برحمته وإما أن يعذب بقدر ما عليه ثم مآله إلى الجنة شأن سائر أصحاب الكبائر، وقد سئل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ عن حكم الشرع في مرتكب الكبيرة هل يخرج من الملة؟ فأجاب بقوله: ج: حكم الشرع فيه أنه عاص فاسق، لكن لا يخرج من الملة خلافا للخوارج، عند أهل السنة والجماعة الزاني فاسق وشارب الخمر فاسق، إذا لم يستحل ذلك، العاق لوالديه فاسق، المرابي فاسق، هذه كلها كبائر لكن لا يكفر فاعلها، وعند الخوارج يكفر بذلك -نسأل الله العافية- والصواب أن قولهم باطل وأنه ليس بكافر ولكنه عاص، عليه التوبة إلى الله والرجوع إلى الله والإنابة، ومن تاب تاب الله عليه، وإذا مات على ذلك مات عاصيا على خطر من دخول النار إلا أن يعفو الله عنه لكن لو دخلها لا يخلد فيها خلافا للخوارج والمعتزلة، الخوارج يقولون: يكفر ويخلد في النار إذا مات عاقا لوالديه أو على الزنى لم يتب أو على شرب الخمر يقولون: هو كافر ومخلد في النار، والمعتزلة مثلهم في أمر الآخرة مخلد في النار لكن يقولون في الدنيا لا كافر ولا مسلم في منزلة بين المنزلتين وقولهم: باطل أيضا، أما أهل السنة والجماعة فيقولون: هو مسلم عاص، عليه التوبة إلى الله، فإن تاب تاب الله عليه، وإن مات على معصيته فهو تحت مشيئة الله إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة بسبب توحيده وإسلامه وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها، ثم يخرج من النار بعد التطهير، يخرجه الله من النار إلى الجنة، لقول الله سبحانه في كتابه العظيم: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ـ أي ما دون الشرك لمن يشاء أي بعضهم لا يغفر له ويدخل النار ويعذب على قدر المعاصي وبعد التطهير والتمحيص يخرجهم الله من النار إلى نهر يقال له: نهر الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم تطهيرهم أدخلهم الله الجنة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني