الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يسوغ طلاق المرأة بسبب عنادها

السؤال

تزوجت بنت خالي وقد ولدت يتيمة الأب إلا أن أمها تحيط بها بعض الأقاويل فتغاضيت عن كل هذا واستمر الزواج 3 سنوات لم يأذن الله لنا بالخلف وظهرت فيها المشاكل نتيجة اختلاف الطباع وأرى فيها العناد والغيرة حتى من أخواتي، وفي فترة قللت من زيارتها لأهلها إلا أنني خشيت أن أكون قاطعا للرحم فعدت وعادت المشاكل أكثر وفي آخر مرة ظهرت مشكلة بينها وبين أهلي وكالعادة استفزتني فكان أول مرة أضربها على وجهها، وبعد أن راجعت نفسي علمت أنني خالفت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضرب الوجه فطيبت خاطرها وبعد يوم رجعت من العمل فوجدتها في قمة الانهيار ومصرة على أن تخرج إلى بيت أمها فتركتها بالرغم أنني نهيتها عن ذلك لدرجة أنني هددتها بالانفصال حال خروجها من البيت، إلا أنها أصرت واكتشفت بعد ذلك أن كل هذا بإيعاز من والدتها وكنت قد أخبرتها أن أي مشكلة في الدنيا يمكن حلها داخل بيتنا، وبعد أن مر أسبوعان على خروجها فوجئت أنها تطلب الطلاق وعلمت أنها خلعت النقاب دون إذني ويعلم الله أنني اعتبرت زواجي منها نوعا من كفالة اليتيم وسببا في لم شمل العائلة المشتتة، والآن أنا في حيرة من أمري، فبداخلي أشك أنها لا تصلح أن تكون أما بهذه الطباع إلا أنني أراجع نفسي وأتذكر الفترة التي أبعدتها قليلا عن أمها وكنا سعداء ولا أنكر أنها أعانتني في مشروع أنشأته ولا أقول إنني ملك وآخذ على نفسي فتفلت أعصابي وقلة خبرتي، وأكثر ما يرهقني فيها العناد الذي يصل إلى درجة الكبر، فهي لا تقبل نقدا ولا نصيحة وسوء أدبها في بعض الأحيان حتى مع أهلي، فهل أنصاع إلى من يسعون إلى الصلح أم أغير عتبة الدار؟ أفيدوني يرحمكم الله وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت أولا بما ذكرت من زواجك من هذه الفتاة بهذه النية الحسنة وهي الإحسان إليها والحرص على لم شمل الأسرة، وقد أسأت فيما ذكرت من ضربك لها في وجهها، وإن سعيك في تطييب خاطرها بعد ذلك أمر طيب، ولكنه لا يكفي؛ بل يجب أن تتوب من ذلك توبة نصوحا، وراجع شروط التوبة بالفتوى رقم: 5450.

وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر.

قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: أي ينبغي أن لا يبغضها، لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا، بأن تكون شرسة الخلق؛ لكنها دينة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك. اهـ.

وهكذا نقول لك بالنسبة لهذه الفتاة، إن كان فيها كثير من الصفات الطيبة، ولم تر فيها إلا نحو ما ذكرت من صفة العناد ونحوها فأمسكها عليك واصبر عليها واجتهد في إصلاحها وتربيتها على الخير والإيمان، وإذا كان بقاؤها بعيدة من أهلها يعينك على ذلك فافعل، وأما الطلاق فاجتنبه ما أمكن، إلا أن يكون قد ظهر رجحان مصلحته فأقدم عليه حينئذ، أو انظر في أمر إبقائها في عصمتك والزواج من غيرها إن كنت قادرا على العدل، وننبه إلى بعض الأمور:

الأمر الأول: أن خروج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها ومن غير عذر شرعي نشوز منها، وكيفية علاج الناشز مبينة بالفتوى رقم: 1103.

الأمر الثاني: أن تغطية الوجه واجبة شرعا على الراجح من أقوال الفقهاء، ويمكن الاطلاع على أدلة ذلك بالفتوى رقم: 4470. فلا يجوز للمرأة الكشف عنه عند خروجها من البيت أو بحضرة أجانب ولو أذن لها الزوج بذلك.

الأمر الثالث: لا يجوز للأم تحريض ابنتها على زوجها، لأن في ذلك إضرارا منها بابنتها قبل أن يكون إضرارا بزوج ابنتها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني