الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تأثم الأم إذا لم تعود ابنتها الصغيرة على الحجاب، وحفظ القرآن؟

السؤال

امرأة زوجها متوفى، وعندها منه بنت عمرها 4 سنوات.
فهل يلزمها تعويدها على اللباس المحتشم وتحفيظها القرآن، مع العلم أن أباها قبل أن يتوفى كان حريصًا على هذه الأمور؟
فأرجو الإرشاد؛ للضرورة.
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فعلى الأمّ أن تجتهد في تربية ابنتها، ورعايتها، وتقويمها، وتهذيب أخلاقها، فقد قَالَ الله تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته. رواه البخاري، ومسلم.

ولتعلم أن إهمال تربية الأبناء في الصغر، يؤثر عليهم بالضرر في الكبر، يقول الإمام ابن القيم في كتابه: تحفة المودود بأحكام المولود: فَمن أهمل تَعْلِيم وَلَده مَا يَنْفَعهُ، وَتَركه سدى، فقد أَسَاءَ إِلَيْهِ غَايَة الْإِسَاءَة.

وَأكْثر الْأَوْلَاد إِنَّمَا جَاءَ فسادهم من قبل الْآبَاء، وإهمالهم لَهُم، وَترك تعليمهم فَرَائض الدّين وسننه، فأضاعوهم صغَارًا، فَلم ينتفعوا بِأَنْفسِهِم، وَلم ينفعوا آبَاءَهُم كبارًا. كَمَا عَاتب بَعضهم وَلَده على العقوق، فَقَالَ: يَا أَبَت إِنَّك عققتني صَغِيرًا، فعققتك كَبِيرًا، وأضعتني وليدًا، فأضعتك شَيخًا. انتهى.

أما بخصوص لباس البنت الصغيرة الثياب المحتشمة، فالأولى تعويدها عليه، وإن كان غير واجب عليها في صغرها؛ وذلك لتنشأ على الحشمة من صغرها.

وقد اختلف في تحديد السن التي تلزم فيها الفتاة بالستر وتغطية الرأس، فقيل: سبع سنين، وقيل: تسع سنين. ويختلف ذلك بحسب الأشخاص، فقد تظهر على الفتاة ملامح النساء، وتتعلق بها الأنظار قبل أن تصل العاشرة؛ وفي هذه الحالة يجب إلزامها بالستر، وراجع مزيدًا من التفصيل في ذلك في الفتوى: 109934.

وأما تحفيظها القرآن، فلا شك أن ذلك فضيلة عظيمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ. رواه البخاري.

إضافة إلى تلبية رغبة والدها التي كان يريدها في حياته، ويتمناها قبل وفاته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني