الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تزوير خطابات تفيد أن موظفًا فقيرًا عمل عملاً إضافيًا وهو لم يعمله

السؤال

أعمل مدير إدارة في الخدمات الطبية في الرياض، وجرت العادة أن يقوم الموظفون بتجهيز خطاب باسم مدير الإدارة وتوقيعه أن الموظف فلان من الناس قد عمل دوامًا إضافيًا لمدة ثلاثة أشهر بواقع أربع ساعات يوميًا، نظرًا لحاجة العمل، ويرسل الخطاب إلى مدير الشؤون المالية والهدف هو مساعدة الموظفين الصغار ومتوسطي الدخل لتحسين أوضاعهم المالية، والحقيقة أن الموظف لا يقوم بأي ساعة عمل إضافية, وكذلك فإن العمل لا يستدعي ساعات عمل إضافية، وجميع من في الخدمات الطبية ـ بمن فيهم المدير العام ـ يعرفون هذا الأمر, ويقولون: إنه من باب التكافل الاجتماعي, وإن أحد كبار هيئة العلماء ألقى محاضرة في الخدمات الطبية، وأفتى بجواز ذلك، وفي البداية قمت بتوقيع بعض الخطابات اتقاء لشر بعض الموظفين ومحسوبياتهم وأقاربهم، ولكنني على يقين من أنني في هذه الحالة أكذب وأشهد شهادة زور في خطاب رسمي تحت مرأى ومسمع الجميع بحجة التكافل الاجتماعي؛ لأن هذا المال ليس مالي، أو مال المدير العام، وإنما هي أموال المسلمين والدولة، فبدأت أتحدث مع الموظفين بأن هذا العمل كذب وحرام، ولكنهم يقولون كل من في الخدمات الطبية وجميع المدراء يفعلون ذلك ـ بمعنى: من تكون أنت لترفض؟ وسؤالي هو: فما حكم هذا العمل؟ وما هي نصيحتكم لي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فزادك الله حرصًا على الخير واجتنابًا للحرام, ورزقك التفقه في أمر دينك.

وأما ما سألت عنه: فالأصل حرمة التزوير والكذب, والتحايل على الجهات المسؤولة بتسجيل معلومات غير حقيقية للتوصل بها إلى أخذ شيء من المال العام الذي له حرمة كحرمة المال الخاص، بل هو أشد، كما قال بعض العلماء، إذ هو اعتداء على حقوق المجتمع كله، والخاص اعتداء على حق فرد واحد، والمال الخاص له من يحميه، أما المال العام: فحمايته مسؤولية المجتمع كله، وقد جاء الوعيد الشديد في ذلك، فعن خولة الأنصارية قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة. رواه البخاري.

وفي رواية عند الترمذي: إن هذا المال خضرة حلوة، من أصابه بحقه بورك له فيه، ورب متخوض فيما شاءت نفسه من مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة إلا النار.

والفساد الإداري وتواطؤ الموظفين على التحايل والتزوير لا يبيح الاعتداء على المال العام، وحقوق المجتمع فيه.

وبناء عليه، فلا يجوز تزوير خطابات تفيد حاجة العمل إلى عمل إضافي غير حقيقية وأن موظفًا ما - ولو كان فقيرًا - عمل عملاً إضافيًا وهو لم يعمله؛ لأنه تحايل وغش وتزوير يحرم فعله، ولا ندري ما استند إليه من ذكرت أنه عالم في إباحة تلك الأفعال، اللهم إلا أن يكون في المسألة ما لم تذكره لنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني