الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ أكثر من قيمة الدية، وكيفية توزيعها

السؤال

مات أخي في حادث سير في بلاد الغرب, وبعد لحظات من وفاته توفي ابنه ذو الثلاث سنوات، فدفعت لنا شركة التأمين دية كبيرة جدًّا, خلاف ما ينص عليه الشرع, واستنادًا للقوانين المعمول بها هناك, فما حكم هذا المال؟ وهل يجوز قبوله؟ وكيف توزع دية كلٍّ منهما؟ علمًا أن أخي مات عن أب, وأم, وزوجة, وبنت, وشقيقين, وشقيقات.

الإجابــة

الحمد لله, والصلاة والسلام على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فالدية في حوادث السير إنما تلزم من حصل منه تفريط أدى إلى القتل الخطأ, ولا مانع من أخذ دية المقتول خطأً من أي جهة أحيل عليها مستحقوها، سواء كانت شركة تأمين, أو غيرها, كما بيناه في الفتوى رقم: 24030 والفتوى رقم: 106087.

وأما هل يجوز أخذ كل التعويض إذا كان أكثر من الدية؟ فإذا كانت شركة التأمين ستدفع لكم أكثر من قيمة الدية فلا حرج في أخذها؛ لأن في قتل الخطأ يجوز أخذ الزيادة إذا كانت من غير جنس الدية المقررة شرعًا, كما بيناه في آخر الفتوى رقم: 218284, والدية تقسم على الورثة.
وأما كيف توزع؟ فنقول أولًا: إن ابن أخيك الذي مات بعده يدخل في جملة ورثة أخيك ما دمتم علمتم أنه مات بعده.

وإذا لم يترك أخوك من الورثة إلا والديه, وزوجته, وابنته, وابنه – الذي مات بعده – وأشقاء وشقيقات: فإن لأمه السدس فرضًا, ولأبيه السدس فرضًا لوجود الفرع الوارث, وقال الله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء: 11}, ولزوجته الثمن فرضًا لوجود الفرع الوارث, قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 12}, والباقي للبنت والابن – الذي توفي بعده - تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}, ولا شيء للشقيقين والشقيقات؛ لأنهم جميعًا لا يرثون مع وجود الابن, ولا مع وجود الأب, قال ابن المنذر في الإجماع: وأجمعوا على أن الإخوة من الأب والأم، ومن الأب ذكورًا أو إناثًا لا يرثون مع الابن، ولا ابن الابن, وإن سفل، ولا مع الأب. اهــ.

فتقسم التركة - ومنها الدية - على اثنين وسبعين سهمًا:

للأم سدسها: اثنا عشر سهمًا.

وللأب سدسها: اثنا عشر سهمًا.

وللزوجة ثمنها: تسعة أسهم.

وللبنت ثلاثة عشر سهمًا.

وللابن المتوفى بعد أبيه ستة وعشرون سهمًا, وتنتقل أسهمه هذه إلى ورثته, وتقسم بينهم القسمة الشرعية, ولا يمكننا بيان كيفية قسمتها على ورثته إلا بعد حصر من توفي عنهم.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني