الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من العدل رفض طلبات إحدى الزوجتين لرفض طلبات الأخرى، والمساواة في الخروج من المنزل؟

السؤال

هل من العدل أن يساوي الرجل بين الزوجتين في الخروج من المنزل؟ بحيث لو ذهب بواحدة إلى مكان فيجب عليه أن يذهب بالأخرى، وأن يرفض تلبية طلبات واحدة منهن؛ لأنه غاضب من الأخرى، ولا يريد تلبية طلبها، وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فههنا مسألتان في موضوع العدل بين الزوجات:

1ـ المساواة في الخرجات ـ الطلعات ـ وقد تقدم جواب ذلك وبيانه بيانًا شافيًا في الفتوى رقم: ‎191199‎ ، وما أحيل عليها فيها.

2ـ رفض تلبية طلبات إحدى الزوجتين لرفض تلبية طلبات الأخرى ـ لغضبه منها، وهذا فيه تفصيل:

ـ فإن كان ما تطلبه الزوجة الأولى من طلبات يدخل في باب النفقة الواجبة على الزوج ـ كالمسكن، والملبس، والطعام حسب كفايتها ـ فلا يجوز حرمانها منه لحرمان ضرتها منه بدعوى العدل بين الزوجات، سواء كان حرمان الأخرى له مسوغ شرعي أم لا؛ لأن وجوب النفقة للزوجة: سببه العقد، وشرطه التمكين من الإمتاع، ومانعه النشوز، وليس من موانعه عدم النفقة على الأخرى، فلا تزر وازرة وزر أخرى، وليس مقتضى العدل في النفقة الواجبة المساواة في الحرمان، بل مقتضى العدل إعطاء كل منهما كفايتها، نعم، إذا كانت الأخرى ناشزًا سقطت نفقتها الواجبة لنشوزها حتى ترجع عنه، وانظر في حدود النفقة الواجبة للزوجة الفتوى رقم: 183839، وما أحيل عليها فيها.

وفي أن سبب وجوبها التمكين من الإمتاع الفتوى رقم: ‎722‎ .

وفي أن النشوز مانع للنفقة الفتوى رقم: ‎29115‎ .

ـ وأما إن كان ما تطلبه الأولى من طلبات زائدًا عن كفايتها: فالعدل في ذلك - إن أمكن - مستحب على الصحيح من قولي أهل العلم، وليس بواجب لتعذر تحقيقه غالبًا، وإنما كان مستحبًا إقامة للعدل، ومنعًا للضغائن بين الضرائر، وتأليفًا للقلوب، نعم، إن كان غضب الزوج من الأخرى بحق، وأراد أن يؤدبها بالحرمان، فليس من العدل أخذ الأولى بوزر ضرتها بدعوى العدل، فليس من العدل مساواة المحسن بالمسيء، قال الموفق في المغني: فصل: وليس عليه التسوية بين نسائه في النفقة، والكسوة إذا قام بالواجب لكل واحدة منهن، قال أحمد في الرجل له امرأتان: له أن يفضّل إحداهما على الأخرى في النفقة، والشهوات، والكسى، إذا كانت الأخرى في كفاية، ويشتري لهذه أرفع من ثوب هذه، وتكون تلك في كفاية، وهذا لأن التسوية في هذا كله تشُقّ، فلو وجب لم يمكنه القيام به إلا بحرج، فسقط وجوبه، كالتسوية في الوطء.

وقال البهوتي، والحجاوي في الكشاف على الإقناع ممزوجين: ولا يجب عليه ـ أي: الزوج ـ التسوية بينهن في وطء ودواعيه؛ لأن ذلك طريقة الشهوة، والميل، ولا سبيل إلى التسوية بينهن في ذلك، ولا يجب عليه أيضًا التسوية بينهن في نفقة، وشهوات، وكسوة إذا قام بالواجب عليه من نفقة، وكسوة، وإن أمكنه ذلك - أي: التسوية بينهن في الوطء، ودواعيه، وفي النفقة، والكسوة، وغيرها - وفعله كان أحسن وأولى؛ لأنه أبلغ في العدل بينهن، وروي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسوي بين زوجاته في القبلة، ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك.

وللوقوف على قولي أهل العلم في حكم العدل بين الزوجات في النفقة غير الواجبة تنظر الفتوى رقم: 11389 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني