الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متى تنتهي عدة من توفي زوجها يوم 12ربيع الثاني 1435، الساعة الثامنة والنصف مساء؟

السؤال

توفي والدي يوم 12ربيع الثاني 1435، الساعة الثامنة والنصف مساء، وأسأل عن مدة عدة والدتي، وعن الأعمال التي يجب علي عملها حتى يصل ثوابها لوالدي - رحمه الله -؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن عدة الوفاة لغير الحامل أربعة أشهر، وعشرة أيام قمرية، كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234].
وللحامل وضع حملها؛ لعموم قول الله تعالى: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ {الطلاق:4}.

والعدة تبدأ من لحظة وفاة الزوج - وذلك على الراجح من أقوال أهل العلم - وهو عند والدتك اليوم الثاني عشر من ربيع الثاني.

قال الإمام الشافعي - رحمه الله - في الأم: إذا لم تكن - المعتدة عن وفاة - حاملاً، فإن مات نصف النهار وقد مضى من الهلال عشر ليالٍ، أحصت ما بقي من الهلال، فإن كان عشرين حفظتها، ثم اعتدت ثلاثة أشهر بالأهلة، ثم استقبلت الشهر الرابع فأحصت عدة أيامه، فإذا كمل لها ثلاثون يوماً بلياليها، فقد أوفت أربعة أشهر، واستقبلت عشراً بلياليها، فإذا أوفت لها عشراً إلى الساعة التي مات فيها، فقد انقضت عدتها، وليس عليها أن تأتي فيها بحيض، كما ليس عليها أن تأتي في الحيض بشهورٍ؛ ولأن كل عدة حيث جعلها الله، إلا أنها إن ارتابت استبرأت نفسها من الريبة. اهـ.

وعليه، فإذا لم تكن والدتك حاملا، فإنها تقوم بالحساب على النحو التالي:

1- تضبط اليوم، والساعة التي توفي فيها والدك، فإذا كان توفي في الثاني عشر من شهر ربيع الثاني كما ذكرت، فإنها تحسب ما بقي من الشهر إلى نهاية الهلال، فإن كان الشهر تامًا احتفظت ب (18 يومًا) وإن كان الشهر ناقصًا احتفظت ب (17 يومًا)، وإن جهلت الحال في شهر الوفاة فلم تعرف ما إذا كان الشهر كاملًا أو ناقصًا، فإنها تعتبره ناقصًا احتياطًا فتحتفظ منه ب (17 يومًا)؛ لأنه يتعين الاحتياط في هذا الأمر.

ويشهد لذلك ما جاء في الغرر البهية شرح البهجة الوردية لزكريا الأنصاري متحدثًا عن عدة الوفاة: وتعتبر الأشهر بالأهلة ما أمكن، فإن جهلت استهلال الأهلة لحبس، أو غيره، اعتدت بمائة وثلاثين يومًا أخذًا بالأحوط. اهـ.

2- تحسب شهر جمادى الأولى، وجمادى الأخيرة، ورجب، بقطع النظر عما إذا كانت شهورًا تامة أم ناقصة.

3- تحسب من شهر شعبان ما يكمل شهر ربيع الثاني، مع العشرة أيام، فإن كان شهر ربيع الثاني ناقصًا، أكملت من شعبان (23 يومًا) وإن كان كاملًا أكملت منه (22 يومًا).

4- تنتهي عدتها في اللحظة التي توفي فيها زوجها، فإن كان توفي الساعة الثامنة والنصف مساء - كما ذكرت - فإن عدتها تنتهي في نفس الساعة بعد تمام العدة يوم (22 أو 23) من شهر شعبان على التفصيل الذي ذكرناه.

وننبه هنا إلى أن قولك إن والدك - رحمه الله - توفي يوم 12 ربيع الثاني 1435 الساعة الثامنة والنصف مساء ... يحتمل أنك تقصدين ليلة 13 ربيع الثاني، ونسبتها إلى اليوم الذي قبلها، كما يحتمل أنك تقصدين ليلة 12 ربيع الثاني، وسواء كان قصدك هذا أم ذاك، فإن عليك مراعاة ما قصدته في انتهاء العدة أيضًا من يوم (22 أو 23) من شهر شعبان.

وفي خصوص ما سألت عنه من الأعمال التي يجب عليك عملها حتى يصل ثوابها إلى والدك - رحمه الله - فنقول فيه: إنك لا تطالبين على سبيل الوجوب بفعل شيء يصل ثوابه للوالد، وإنما من باب الزيادة في بره بعد موته: ينبغي الدعاء له، والتصدق ليصل ثواب ذلك إليه, وصلة أرحامه وأصدقائه، وأهل مودته، وانظري الفتوى رقم: 76240، وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني