الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماهية الندم والتوبة من الغيبة والاستهزاء

السؤال

أنا طالب اعتدت الاستهزاء والسخرية من بعض المدرسين مع علمي بأن الغيبه حرام ولكني كنت في غفلة من أمري، وأنا الآن نادم ولا أستطيع مصارحة المدرسين بما قلته وكذلك أبغض بعضهم لأسباب شخصيه ولهذا لا أستطيع الدعاء لهم بالخير فماذا أفعل؟ وإذا كانت الغيبة لا تقتصر على المدرسين فقط فهل يكفي قولي اللهم اغفر لمن اغتبت أم ينبغي أن أدعو لكل منهم باسمه ؟أفتوني مأجورين..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن السخرية بالناس محرمة لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ [الحجرات:11].
ولأن هذا الخلق - أعني احتقار الناس والاستهزاء بهم - من الكبر، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقالوا: يا رسول الله، إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا، فقال صلى الله عليه وسلم : إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس.
ومعنى بطر الحق: دفعه، ومعنى غمط الناس: احتقارهم.
فما دمت نادمًا فهذا من علامات التوبة، فالله تعالى يقبل توبة التائبين، فهو القائل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].
فعليك أولاً بالإقلاع الكامل عن هذا الذنب، ثم الندم على ما سبق من ذنب، ثم العزم على ألاَّ تعود إليه أبدًا. وعليك بكثرة الاستغفار وكثرة الأعمال الصالحة.
وأما من اغتبتهم فاطلب منهم العفو والمسامحة لما قد صدر منك تجاههم، ولا تذكر لهم كلامك فيهم تفصيلاً فنقول: أنا قلت فيكم كذا وكذا؛ لأن ذلك يوغر الصدور ويولد الحقد، ولكن اذكره جملة، فقل: سامحوني لما قد صدر مني تجاهكم من غيبة أو وقوع في أعراضكم، هذا إذا كنت تعلم أن ذلك لن يولد كراهية بينكم وحقدًا، فإن كان سيؤدي إلى ذلك فأكثر من الدعاء لهم بظهر الغيب وذكر محاسنهم في المجالس التي اغتبتهم فيها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني