الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من رش مبيدًا حشريًا فاستنشقه بعض الأشخاص فماتوا، فهل عليه الدية؟

السؤال

إذا رششت مبيدًا حشريًا في غرف بها بعض الأشخاص، فاستنشقوه، فأصابهم سرطان الرئة، فإن ماتوا، فهل عليّ كفارة قتل الخطأ أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل جواز رش المبيد الحشري في المنزل؛ للتخلص من أضرار الحشرات، ومن فعل ما يجوز له من غير تعد، ولا تفريط، ونشأ عن ذلك ضرر، فلا ضمان عليه، قال ميارة في التكميل:

وكل من فعل ما يجوز له * فنشأ الهلاك عما فعله

أو تلف المال فلا يضمن ما * آل له الأمر وفاقا علما.

وقال ابن جُزي في القوانين الفقهية: وكل من فعل ما يجوز له، فتولد منه تلف لم يضمن.

وأما فعل ذلك في غرفة حال وجود أشخاص فيها، وهو يعلم ضررها عليهم، فقد فعل ما لا يجوز؛ لما جاء في الموطأ مرفوعًا: لا ضرر ولا ضرار.

فإذا تسبب فعله في إصابتهم، فإنه يضمن ما نتج عن فعله، جاء في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي: المتسبب هو الذي يحدث أمرًا يؤدي إلى تلف شيء آخر بحسب العادة، إلا أن التلف مباشرة لا يقع منه، وإنما بواسطة أخرى هي فعل فاعل مختار، ويضمن المتسبب وحده إذا كان متعديًا، عملًا بقاعدة: المتسبب لا يضمن إلا بالتعدي ـ سواء أكان بقصد أم لا.

مع التنبيه إلى أنه لا ضمان على من رش المبيد في البيت إلا إذا علم يقينًا أن الإصابة كانت بسبب المبيد الذي رشه هو تعديًا؛ لأن الأصل براءة الذمة، فلا تعمر إلا باليقين، قال العلوي في النوازل: فمن تصدى للإفتاء فليحجم عن الإقدام على إلزام الضمان إلا بصريح، أو ظاهر، وإلا وجب عليه التمسك بالأصل الذي هو براءة الذمة.

وراجع للفائدة فتوانا رقم: 218215، بعنوان: رجل أغضب أباه فمات الأب بأزمة قلبية، فهل يعتبر هذا قتلًا خطأ؟ وهل عليه الكفارة والدية؟.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني