الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء فيمن قال لزوجته (علي الطلاق) مرتين، أو ثلاثا

السؤال

قلت لزوجتي بعد شجار حصل بيننا: (علي الطلاق) دون تعليقها بأي شرط مرتين، أو ثلاثا، ولكني غير متأكد فأنا أقول ثلاثا، وزوجتي تقول اثنتين.
فما حكم قولي هذا؟
وما حكم العلاقة بيننا بعد قولي هذا؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا عنا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقولك: "علي الطلاق" دون تعليق على شرط، صريح في الطلاق عند أكثر العلماء، فيقع من غير نية.
جاء في الدر المختار وحاشية ابن عابدين (حنفي): ومن الألفاظ المستعملة: الطلاق يلزمني، والحرام يلزمني، وعلي الطلاق، وعلي الحرام، فيقع بلا نية للعرف. اهـ.

وفي حاشية الصاوي على الشرح الصغير (مالكي): وَلَفْظُهُ الصَّرِيحُ الَّذِي تَنْحَلُّ بِهِ الْعِصْمَةُ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ حَلَّهَا، مَتَى قَصَدَ اللَّفْظَ: الطَّلَاق كَمَا لَوْ قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي، أَوْ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ: أَنْتِ الطَّلَاقُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. اهـ.

وفي حاشية الجمل على شرح المنهج (شافعي) : المعتمد في علي الطلاق أنه صريح. وفي البحر عن المزني أنه كناية. وفي فتاوى ابن الصلاح عدم الوقوع به، وإن نوى؛ لأنها صيغة يمين، أو نذر ومثله في المطلب عن الطوسي تلميذ ابن يحيى صاحب الغزالي، ومشى عليه ابن المقري. اهـ.

وقال ابن قدامة الحنبلي –رحمه الله-: ولو قال: الطلاق يلزمني. أو: الطلاق لي لازم. فهو صريح؛ ....... وإن قال: علي الطلاق. فهو بمثابة قوله: الطلاق يلزمني؛ لأن من لزمه شيء فهو عليه كالدين، وقد اشتهر استعمال هذا في إيقاع الطلاق .. ويخرج فيه في حالة الإطلاق الروايتان؛ هل هو ثلاث، أو واحدة؟ والأشبه في هذا جميعه أن يكون واحدة. المغني لابن قدامة.

أما عدد الطلاق الواقع. فإن كنت كررت اللفظ قاصداً إيقاع أكثر من طلقة، فقد وقع ما قصدته، وكونك شاكاً في تكرار اللفظ مرتين أو ثلاثاً، فالمعتبر في ذلك اليقين لا الشك، فتعتبر التكرار مرتين.

قال ابن قدامة –رحمه الله-: ومن شك في الطلاق، أو عدده. أو الرضاع، أو عدده بنى على اليقين.
وإذا لم يكن الطلاق مكملاً للثلاث، فمن حقك مراجعة زوجتك قبل انقضاء عدتها، وهي في مدة العدة كالزوجة.

قال ابن مفلح الحنبلي –رحمه الله-: والرجعية زوجة يلحقها الطلاق، والظهار، والإيلاء ويباح لزوجها وطؤها، والخلوة بها، والسفر بها. المبدع شرح المقنع.

أما إذا استكملت ثلاث تطليقات، فإن زوجتك تبين منك بينونة كبرى، وتصير أجنبية منك، ولا يحل لك زواجها إلا إذا تزوجت زوجاً غيرك -زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج الجديد، ثم يطلقها، أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه.
واعلم أنّ بعض أهل العلم لا يعدون الطلاق المتتابع من غير رجعة، أو عقد إلا طلقة واحدة؛ وراجع الفتوى رقم: 192961

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني