الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب إنفاق الرجل على أولاده المحتاجين ورعايتهم، والحض على حسن الظن بالناس

السؤال

ما حكم الخروج في سبيل الله مع جماعة الدعوة والتبليغ إذا كان المقصد ترك المسؤولية والأولاد؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق بيان حكم الخروج في سبيل الله للدعوة إلى الله تعالى مع أهل الدعوة في الفتاوى التالية أرقامها:
17978، 9565، 158143.

والواجب أن يقصد الداعي بدعوته وجه الله تعالى وامتثال الأمر الشرعي والسعي في هداية الناس ونصحهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وأما الخروج بقصد ترك المسئولية عن الأولاد: فعليك أن تنبه فاعله أن إنفاق الرجل على أولاده المحتاجين وقيامه عليهم ورعايته لهم واجب بالإجماع، وهو مسئولية على كل أب لا يجوز له التفريط فيه، قال ابن المنذر رحمه الله: وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم ولأن ولد الإنسان بعضُه،ُ وهو بعض والدهِ، فكما يجب عليه أن يُنفق على نفسه وأهله كذلك على بعضه وأصلِه. اهـ.

وعن وهب قال: إن مولى لعبد الله بن عمرو قال له: إني أريد أن أقيم هذا الشهر هاهنا ببيت المقدس، فقال له: تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر؟ قال: لا، قال: فارجع إلى أهلك فاترك لهم ما يقوتهم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني.

فهذا يدل على وجوب إنفاق الرجل على أهل بيته والقيام بمصالحهم ومنع تضييعهم.

هذا؛ وننبه إلى أن غالب العقلاء الأسوياء يغلب عليهم من حنان الآباء على عيالهم ما يمنعهم من التفريط فيهم، فلذا نرجو من السائل أن يتناصح مع إخوانه ويحسن الظن بهم ولا يتهمهم بالنية السيئة من غير بينة، فإن واجب المسلم هو أن يحسن الظن بالمسلمين ما لم يجد دليلاً على سبب ظنه، وقد نهانا الله عز وجل عن سوء الظن، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا. متفق عليه.

وقد فسر ابن كثير الظن المنهي عنه بالتهمة والتخون للناس في غير محله، وذكر قول عمر رضي الله عنه: لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا، وأنت تجد لها في الخير محملا ـ وذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما: قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه وأن يظن به إلا خيرا. رواه ابن ماجه. انتهى.

وروى الطبري عند تفسيره عند هذه الآية: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى الله المؤمن أن يظن بالمؤمن شرا، ثم قال: إن ظن المؤمن الشر لا الخير إثم، لأن الله تعالى نهاه عنه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني