الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشروط بعد عقد النكاح لا اعتبار لها، ولزوم تسليم الزوجة حال طلبها

السؤال

أنا طالب جامعي من العراق أعيش في كندا مع والديَّ وكما تعرفون هنا في كندا الفساد بشكل غير طبيعي والحرام سهل، فقررت أن أتزوج لأنني لا أريد الوقوع في الحرام، فطلبت من والدتي أن تبحث لي عمن نرضى دينها وخلقها ووجدنا بنتا تبلغ من العمر 19 وهي عراقية أيضاً فذهبنا إلى بيت الفتاة حيث أهلها واتفقنا معهم على التالي:
1ـ لأنني طالب فسأعيش معها ومع أهلي في نفس البيت الذي لي فيه غرفة تتضمن مخزنا ومشتملات ـ حمام وملحقاته ـ إلى أن يسهل الله أمرنا بعد إكمال دراستي وأعيش مع الفتاة في بيت مجاور لبيت والديّ.
2ـ أن لا أخرج مع الفتاة حتى يتم العقد الشرعي لا بل والرسمي أيضاً نظراً لوجودي في كندا.
3ـ وأن تستمر هي في تعليمها في المدارس الكندية.
وتمت قراءة سورة الفاتحة، وبعد عقد القِران حددنا موعد الزفاف بعد شهرين كالمتعارف عليه في بلدنا، وحسب الاتفاق على حفل الزفاف أن يكون المدعوون إلى العرس لا يتجاوزون ست عوائل ممَن نعرفهم سوية حسب الإمكانات المتوفرة، فقامت والدة العروس بدعوة أكثر من ثلاثين شخصاً ممن لا صلة لنا بهم وبدون علمنا، وبعد أن تمت دعوتهم أتت لنا بقائمة المدعوين، فاختلفت والدتي مع والد الفتاة على أنهم نقضوا الاتفاق المتعلق بعدد المدعوين، فأتى والد الفتاة إلى بيتنا قبيل ليلة الزفاف الساعة 11 والنصف ليلاً، بعدما تمت دعوة المدعوين إلى حفل الزفاف، وهنا قال: لدي شروط جديدة، وهي كالتالي:
1ـ يؤجل موعد الزفاف حالاً.
2ـ أن يستأجر ابنكم بيتا خاصا لبنتنا وفي مدينتنا، علماً بأننا نعيش في مدينتين مختلفتين.
3ـ إن لم يتم الاتفاق على شروطي هذه فلن يتم الزواج.
أولاً: لا أعلم إن كان له حق نقض الزواج ووضع شروط بعد إبرام عقد القران.
ثانياً: ما قاله أبوها يستحيل علي تنفيذه الآن لأسباب عدة، ومنها عدم إمكانيتي استئجار بيت لها وحدها وترك دراستي وكليتي وترك والدي ووالدتي المسنين اللذين هما في حاجتي المستمرة والذهاب إلى مدينة أخرى، وبما أن والدها قد ألغى حفل الزفاف الذي قد دفعت مصاريفه كاملة اتصلت بزوجتي في اليوم التالي وطلبت منها المجيء إلى بيتي وأن ما قاله والدها قبيل ليلة الزفاف لا يلغي ما نحن عليه من ميثاق وإن سماع كلام الزوج حتى وإن لم يمسها أحق من كلام والدها، فقالت لي أنا لا أكسر شروط والدي وهذا الموضوع قد حسم، وإن أردت العودة فإنه يجب عليك تنفيذ شروط والدي أو أن أصبر تضحيةً مني حتى أتمكن من تنفيذ تلك الأمور، وكما ذكرت يا شيخ أن أحدَ أسباب زواجي منها هو أن لا أقعُ في الحرام، والآن وبعد رفضها للعودة إلى بيتي أُريد معرفة بعض الأمور الشرعية المتعلقة بهذا الشأن.
أولاً: لا أملك القوة القانونية لاسترداد زوجتي إكراهاً ولا أريد ذلك، ولا توجد لدينا هنا في كندا محكمة شرعية، فما هي الوسيلة المتاحة لدي لاستردادها في رأيكم إن لم تكن هناك وسيلة لرجوعها طوعاً؟.
ثانياً: قد دفعت لها مهراً مقدماً وقدره $5,000 وفرضت لها مهراً مؤخراً قدره $25,000، فماذا يجب علي إذا طلقتها بناءً على رفضها العودة إلى بيت الزوجية، علماً بأنني لم أدخل بها؟.
ثالثاً: إذا قامت هي بطلاقي في المحكمة الكندية برفع قضية طلاق، فهل تعد طالقاً بصورة شرعية؟ وهل في هذه الحالة تجوز لي المطالبة باسترداد المهر المقدم ويسقط عني دفع المهر المؤخر؟.
رابعاً: هل تعتبر في هذه الحالة ناشزاً؟ وتنطبق عليها أحكام النشوز؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي يلزمك من الشروط ما كان قبل العقد، أو أثناءه، جاء في الروض المربع في باب الشروط والعيوب في النكاح:
والمعتبر من الشروط ما كان في صلب العقد أو اتفقا عليه قبله ـ وعلق ابن قاسم في حاشية الروض المربع: أو اتفق الزوجان على الشرط قبل العقد، قاله الشيخ وغيره، وذكر أنه جواب أحمد في الحيل، وأنه ظاهر المذهب، وقول قدماء الأصحاب المحققين من المتأخرين، وصوبه في الإنصاف، وقطع به في المنتهى وغيره، ولا يلزم بعد العقد، ولزومه لفوات محله، وقال ابن رجب: يتوجه صحة الشرط، لاسيما والنكاح تصح الزيادة فيه في المهر بعد عقده. انتهى.

وعلى هذا، فلا يلزمك الوفاء بالشروط الجديدة.

وأما بخصوص شرط السكن: فمن حق الزوجة على زوجها أن يسكنها في مسكن مستقل، ولا يلزمها قبول السكن مع أحد من أهله، لكن إن رضيت بإسقاط حقها في ذلك سقط، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28860.

وبالتالي، فطالما شُرِط عليها في العقد وقبلت لزمها الوفاء، ما لم يكن ضرر، وهي لم تر ضرراً بعد، لأنها لم تسكن بعد، ويجب عليهم دفعها إليك طالما وفيت بالشروط الأولى في العقد، قال ابن قدامة في المغني: فصل: إذا تزوج امرأة، مثلها يوطأ، فطلب تسليمها، إليه وجب ذلك، وإن عرضت نفسها عليه لزمه تسلمها، ووجبت نفقتها، وإن طلبها، فسألت الإنظار أنظرت مدة جرت العادة أن تصلح أمرها فيها، كاليومين والثلاثة، لأن ذلك يسير جرت العادة بمثله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تطرقوا النساء ليلا، حتى تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة ـ فمنع من الطروق، وأمر بإمهالها لتصلح أمرها، مع تقدم صحبته لها، فهاهنا أولى. انتهى.

وبامتناعها، تصير ناشزاَ، ويترتب عليها أحكام النشوز، كما بينا في الفتوى رقم: 117012.

ولك أن تطلقها، ولك الحق أن تمتنع عن طلاقها حتى ترد عليك ما أعطيتها من المهر وغيره، وانظر الفتوى رقم: 48186.

هذا هو الحكم الشرعي، ولا ندري ما الذي تقضي به المحاكم الكندية، ويمكنك الترافع إلى المراكز الإسلامية عندكم وانظر الفتوى رقم: 252214.

ولا تقف أمام المحاكم التي تحكم بغير الشرع، إلا إذا اضطررت لذلك، وقد بينا حكم طلاق هذه المحاكم وأثره في الفتوى رقم: 176359.

وننبهك إلى أن قراءة الفاتحة عند الخطبة، أو العقد أمر لا أصل له في الشرع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني