الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نسبة ومعنى قول: لا تكرهوا أولادكم على آثاركم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم

السؤال

أما بعد شيوخنا الافاضل،،،
فسؤالي هو: ما هي صحة هذه المقولة التالية: "لا تربوا أولادكم كما رباكم آباؤكم، فقد خلقوا لزمان غير زمانكم" أو ما تراكب عليها ولها أكثر من شكل والكل يدل على نفس المغزى؟ وهي منتشرة على صفحات التواصل الاجتماعي على أنها لعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ: فإحساسي بل ويقيني أنها مكذوبة عليه كرم الله وجهه.
هذا ما دفعني للبحث في الإنترنت، ووجدت له جوابا على هذا الرابط:
http://islamqa.info/ar/192789
ولكن استطراق الأخ المجيب في الشق الأخير من كلامه، ثم استطراده في الحديث عن العادات والتقاليد ووجوب التماشي معها ـ مع احترامي لرأيه طبعا ـ ولكنه أثار ريبتي في اجتهاده، ولم يسترح صدري بما أضافه من عنده بعد الاستشهاد بالحجج في جوابه، وأردت التيقن بسؤالكم، فأرجوا أن تنفعونا بعلمكم.
وجزاكم الله خيرا.
لي رجاء خاص أن تنشروا توعية خاصة بخصوص سيدنا علي ومآثره من خلال الدعاة الأفاضل عندكم، فالمبتدعة يعلمون بحب المسلمين لسيدنا علي، ويستغلون هذا الحب لخلخلة العقيدة، ومع الأسف يبثون قول الزور على لسانه ليدسوا الفتنة في صفوف المسلمين بطريقة مبطنة.
أرجو التنبه لخطر الموضوع، اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذه العبارة لم نقف عليها مسندة عن علي ـ رضي الله عنه ـ وقد نسبها بعضهم إلى سقراط، كالشهرستاني في الملل والنحل، وابن القيم في إغاثة اللهفان، بلفظ: لا تكرهوا أولادكم على آثاركم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم، وكذلك نسبت إلى أفلاطون ـ كما في التذكرة الحمدونية بلفظ: لا تجبروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم.

ومن حيث المعنى: فيمكن أن تحمل المقولة على معنى صحيح، فالفضائل غير الواجبة شرعا لا يُكرَه عليها الأبناء، ومن موجبات ذلك: اعتبار تغير الزمان، فمثلا: حينما يكون الناس في زمن تشيع بينهم فضيلة معينة من الفضائل يسهل عليهم امتثالها والعمل بها، بينما في زمن آخر قد يتغير الحال ويضيق مجال امتثالها، أو تطرأ موانع تعسر التزام تلك الفضائل، فهذا وجه لعدم إكراه الآباء للأبناء على الآداب التي كان الآباء يلتزمون بها.

وأما الأخلاق الواجبة شرعا فهذه ينبغي للآباء أن يلزموا بها أبناءهم قدر المستطاع، ولا يؤثر في وجوبها تغير الزمان .

وأما عن فضائل ومناقب علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ فهي معلومة مشهورة، تداولها أهل السنة وبثوها في مصنفاتهم، ويكفي في بيان وفرة ما نقل في مناقبه ـ رضي الله عنه ـ قول الإمام أحمد بن حنبل: ما لأحدٍ من الصحابة من الفضائل بالأسانيد الصحاح مثل ما لعلي ـ رضي الله عنه ـ أسنده ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد . وقد بينا طرفا من ذلك في الفتويين التالية أرقامهما: 34055، 31594.

ولا ريب في استغلال أهل البدع لمحبة المسلمين لعلي ـ رضي الله عنه ـ في نشر بدعهم، بتلفيق الأكاذيب عليه ـ رضي الله عنه ـ ونحو ذلك . لكن دأب أهل السنة على التصدي لأولئك المبتدعة، وبيان ما دسوه واختلقوه من الأكاذيب على الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني