الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مرويات حول صحبة أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم في الغار

السؤال

أريد الأحاديث الدالة على صحبة أبي بكر للنبي -صلى الله عليه وسلم- في الغار من كتب الأحاديث التسعة جميعها -إن أمكن ذلك-.
وأريد أن أتحقق من صحة رواية في مسند الإمام أحمد ص 221 الجزء الثاني - تحقيق: أحمد شاكر في أن أبا بكر جاء لعلي وهو نائم بفراش النبي -صلى الله عليه وسلم-.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أمكننا الوقوف على أربعة أحاديث مروية في الكتب التسعة تدل على أن من صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغار هو أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، وهي كالتالي:
ما رواه الإمام أحمد في مسنده: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي الْغَارِ -وَقَالَ مَرَّةً: وَنَحْنُ فِي الْغَارِ- لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ. قَالَ: فَقَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا؟".

وما رواه الإمام البخاري في صحيحه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا فِي الغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: «مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟».

وما رواه الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ - قَالَ عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا - حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، حَدَّثَهُ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُؤوسِنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا؟».
وأخيرًا: ما رواه الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ البَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ فِي الغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا.

وكون أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- هو صاحب النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغار مما تواتر به الخبر، وأجمع عليه المسلمون. وراجع الفتوى رقم: 112648.
وأما الحديث الذي أشرت إلى فقرة منه: فهو حديث طويل أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وفيه: قَالَ: وَشَرَى عَلِيٌّ نَفْسَهُ، لَبِسَ ثَوْبَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ نَامَ مَكَانَهُ، قَالَ: وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَرْمُونَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ نَائِمٌ، قَالَ: وَأَبُو بَكْرٍ يَحْسَبُ أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ، قَالَ: فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنَّ نَبِيَّ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِ انْطَلَقَ نَحْوَ بِئْرِ مَيْمُونٍ، فَأَدْرِكْهُ. قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَدَخَلَ مَعَهُ الْغَارَ، قَالَ: وَجَعَلَ عَلِيٌّ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ كَمَا كَانَ يُرْمَى نَبِيُّ اللهِ، وَهُوَ يَتَضَوَّرُ، قَدْ لَفَّ رَأْسَهُ فِي الثَّوْبِ، لَا يُخْرِجُهُ حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ كَشَفَ عَنْ رَأْسِهِ، فَقَالُوا: إِنَّكَ لَلَئِيمٌ، كَانَ صَاحِبُكَ نَرْمِيهِ فَلا يَتَضَوَّرُ، وَأَنْتَ تَتَضَوَّرُ، وَقَدِ اسْتَنْكَرْنَا ذَلِكَ ... انتهى.

وقد اختلف أهل العلم في الحكم عليه، فقال فيه الشيخ/ أحمد شاكر: إسناده صحيح. وقال فيه الشيخ/ شعيب الأرنؤوط، والمحققون معه: إسناده ضعيف بهذه السياقة. وقالوا: وقصة نوم علي -رضي الله عنه- في فراش رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رويت في كتب السير وغيرها، وليس فيها إسناد قائم. وانظر "الطبقات" لابن سعد 1/228، و"دلائل النبوة" للبيهقي 2/465 و466 و468 و470. انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني