الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اقتباس النبي للقرآن من أهل الكتاب.. شبهة متهافتة

السؤال

أنا الحمد لله مؤمن بالله -عز وجل-، ولكن هناك الكثير من اليهود والنصارى يدعون اقتباس القرآن من كتبهم! فأنا أريد الدليل العقلي للرد على هذه الشبهة. وللأسف يأتيني شك حتى في الآيات الكونية باقتباسها -والعياذ بالله- من كتبهم! فأريد أن أبطل هذا الشك بشكل عقلي.
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمثل هذه الشبهة لا تنطلي على ذي عقل راجح ولا فكر سديد، حتى تحتاج إلى رد أو نقد عقلي! فليس هناك مثال واحد من آيات القرآن يصح وصفه بأنه مقتبس من أهل الكتاب، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون! وقد كان الأجدر بالسائل أن ينظر في هذه الدعوى المهترأة، هل لها من حجة؟ وهل عليها من برهان؟ فإن كان الجواب بالنفي، فليس هناك داع للانشغال بها والرد عليها. وإن كان الجواب بالإثبات، فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. وعندها نجد أن هذه الدعوى من جنس دعاوى كفار مكة التي تولى القرآن دحضها، كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: 103]. ومع ذلك فقد تحداهم أن يأتوا بعشر سور أو حتى بسورة من مثله، فعجزوا وهم العرب الفصحاء البلغاء، فدل هذا على بطلان دعواهم!
وعلى أية حال؛ فإنه لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أخذ العلم عن أحد من أهل الكتاب، لا قبل نبوته ولا بعدها، هذا مع كونه -صلى الله عليه وسلم- كان أميًّا لا يكتب ولا يقرأ، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ * وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} [العنكبوت: 47 - 49].
وقد نبهنا السائل من قبل ـ كما في الفتوى رقم: 274399 ـ على أن ما يعانيه ليس عن شبهة بقدر ما هو من أثر الوسوسة! وإذا كان الأمر كذلك؛ فعليه أن يعرض عن التفكير في ذلك، ويبدأ في طلب العلم الذي يزيل آثار الوساوس، ويمحو ظلمات الشبهات. ونرشح له في هذا الموضع كتاب: (النبأ العظيم) للأستاذ الدكتور الجليل/ محمد عبد الله دراز، ففيه مبحث مفيد في (بيان مصدر القرآن). وكذلك كتاب: (مزاعم المستشرقين حول القرآن الكريم) للأستاذ الدكتور/ محمد مهر علي. وكتاب (دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية أضاليل وأباطيل) للأستاذ الدكتور/ إبراهيم عوض. وكتاب (الشبهات المزعومة حول القرآن الكريم في دائرتي المعارف الإسلامية والبريطانية) للأستاذ الدكتور/ محمد السعيد جمال الدين. وراجع للاختصار الفويين: 32547، 40341.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني