الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أخذ شيئًا ظنًّا منه أنه من باب الظفر، لا السرقة ثم تبين خطؤه

السؤال

هناك فتوى استشرتكم فيها سابقًا برقم: 2525108 بخصوص حق الظفر.
وأنا الآن مكروب، ومهموم بعد ما اتضح لي جليًّا أنني قد أخذت أكثر من حقي؛ فقد حسبت حقوقي عند صاحب العمل، وهي تقدر بـ8000 آلاف، هذا من غير الساعات التي يجعلنها نعمل فيها من دون أجر، وأنا تركتها لله رب العالمين، والمال الذي أخذته يتجاوز العشرين ألفًا، ولا أعرف كيف حسبتها؟! واللهِ أنا في حيرة من أمري، وأصابني الهم والغم، وأبكي من ذلك؛ لأنني لا أحب أكل الحرام، وأنا عازم على إرجاع المال كله، ولكن لا أملك سوى 15 ألفًا، وأود السفر إلى إحدى الدول الأوروبية؛ حتى أزيد مصدر دخلي، وأسدد باقي المبلغ.
وأنا نادم أشد الندم، ونيتي كانت الظفر بالحق، وليست السرقة، فهل يحاسب الشخص بنيته أم بعمله؟ وأنا عاجز تمامًا عن سداد باقي المبلغ، ولكن عندي عزيمة أنني سوف أرجعه.
وهل الله سيرضى عني لو وافتني المنية؟ فأنا أخاف أن يكون في رقبتي دين، وأنا دائمًا أدعو وأستغفر الله؛ لكي أدخل الجنة، وإذا كان الدين معلقًا برقبة المؤمن فلن يتمكن من دخول الجنة!
وما يقلقني الآن: هل صلواتي متقبلة، ودعائي مستجاب، وأنا عازم على إرجاع المبلغ الباقي أم لا؟
أنا في حيرة، أفيدوني بأدعية تفرج الهم والغم، ولو عجزت عن السداد فهل سيسدده الله عني؟ ولكم مني جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن تحققت من أن هذا الشخص قد ظلمك، ولم تكن تقدر على أخذ حقك بالطرق المعتادة، فيجوز لك أن تأخذ من ماله بقدر مظلمتك، على ما بيناه في إجابة سؤالك السابق.

ولا يلزمك رد كل المبلغ، وإنما يلزمك رد ما زاد على حقك فقط.

وعلى ذلك؛ فلا حرج عليك -إن شاء الله-، ومن ثم فليس هناك ما يمنع من إجابة دعائك، ولا غيره.

وعلى تقدير أنك أخذت شيئًا ليس من حقك، ظنًّا منك أنه من باب الظفر، لا السرقة، ثم تبين لك خطؤك، فإنما يلزمك رد ما أخذته بغير حق، ولا إثم عليك -إن شاء الله-؛ لعموم قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286}. ولحديث: إن الله وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه.

ومع أن من تمام التوبة أداء حقوق العباد، إلا أن الله سبحانه إذا علم منك صدق توبتك، وعزمك الجادّ على أدائها، فإنه يتفضل بقبول توبتك إن شاء سبحانه، وحينئذ لا يكون عجزك عن رد المال مانعًا من قبول الدعاء، أو غيره، وانظر الفتوى رقم: 281920، وما أحيل عليه فيها.

وإن عجزت عن السداد حتى وافتك المنية، وعلم الله منك صدق نيتك، وسعيك الجادّ في السداد، فإن الله تعالى يتجاوز عنك بفضله، ورحمته، ويؤدي عنك إن شاء سبحانه، وانظر الفتويين: 122402، 230080، وإحالاتها.

وراجع بشأن أدعية تفريج الهم والغم والدين الفتويين التاليتين: 256507، 278299.

وراجع بشأن ضوابط الإقامة في بلاد الكفار فتوانا رقم: 144781، وإحالاتها.

ونسأل الله سبحانه أن يفرج همك، وينفس كربك، ويقضي دينك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني