الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط شرعية استيفاء الحق عن طريق مسألة الظفر

السؤال

رجل له زوجة أب، وكانت زوجة أبيه تأخذ منه أموالاً بمبالغ كبيرة، ولم تكن تردها. وطلبت زوجة هذا الرجل من زوجها، أن يطالب زوجة أبيه. لكنه كان يخافها، وكانت شخصيته أمامها ضعيفة، ولم يجرؤ على طلب ماله منها، وقامت مرة بإعطائه مبلغاً كبيراً من المال كأمانة عنده، ومات ذلك الرجل، وقامت زوجة أبيه بطرد زوجته، وأولاده من الشقة، والزوجة الآن رفعت قضية، وقامت الزوجة بأخذ مبلغ المال الذي أودعته زوجة أبي زوجها، وقالت إنه مقابل ما أخذته من أموال من زوجها، ومقابل طردها وأولادها من المنزل، وقامت بصرف جزء كبير من ذلك المال.
هل ما قامت به الزوجة يعد ظفراً بالحق من زوجة أبي زوجها، أم إنه يجب عليها إعادة المال لتلك المرأة؟
جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالقضية المذكورة شائكة، وذات طابع نزاعي، وما دامت كذلك، فإن محل نقاشها هو المحاكم الشرعية المختصة في البت في النزاعات.

وحيث إن الزوجة قد رفعت الأمر إلى القضاء، فنرجو أن تكون قد سلكت المسلك المناسب في الأمر.

لكن ننبه فقط إلى أن الظفر لا بد فيه من ثبوت الحق للشخص على من ظلمه، وعدم القدرة على استيفائه بالطرق العادية، ولا تجوز فيه الزيادة عن الحق؛ لأن ذلك من الخيانة، والاعتداء، وقد قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ [الأنفال:58]. وقال تعالى: وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة:190].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.

ولا يخفى أن الأمر هنا يحتاج إلى إثبات دعوى الحق المذكور، ثم تقديره التقدير الصحيح، إضافة إلى كون الزوجة ليست هي صاحبة الحق لوحدها، إذ يشاركها بقية الورثة كما هو معلوم؛ ومن ثم فالفيصل في ذلك كله هو القضاء الشرعي كما سبق.

وننبه أيضا إلى تحريم الترافع أمام القضاء الوضعي، لمن يمكنه نيل حقه عن طريق القضاء الشرعي، ومن احتاج إلى الترافع أمام المحاكم الوضعية، ولم يجد بُدا عنها، فله أن يفعل مع بغضه لما يخالف الشرع، واستحضار أنه إنما يقبل من الأحكام ما وافق الشرع، وأنه لا يرضى التحاكم لغير ما أنزل الله، ولا يقره، وهنا ننصحك بمشافهة أهل العلم في البلد الذي أنت فيه (في المراكز الإسلامية، أو غيرها) بتفاصيل القضية؛ لتعرفي ما لك الحق فيه، وما لا حق لك فيه مما تنازعين فيه.

وراجعي الفتوى رقم: 236581 بعنوان: حكم التحاكم إلى المحاكم الوضعية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني