الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم طلب زوجة المتوفى المال الذي أوصى زوجها بعض أصدقائه بالتصدق به بعد موته

السؤال

ترك لي صديق مبلغا من المال، وأوصى بتوزيعه عند وفاته للصدقات، وبعد وفاته طلبت زوجته إعطاءها المبلغ لتجهيز ابنتها للزواج، فماذا أفعل؟
أفيدونا أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دام صديقك قد علق هذه الصدقات بموته، فهي وصية، وعندئذ فينفذ منها ما كان في حدود ثلث التركة، وما زاد على ذلك فلا ينفذ إلا بإذن الورثة، جاء في (الموسوعة الفقهية): الصلة بين الوصية والصدقة أن كلا منهما تمليك إلا أن الصدقة تمليك في الحياة، والوصية تمليك مضاف لما بعد الموت. اهـ.

وثلث التركة لا يعرف إلا بحصرها، ومعرفة الحاضر والغائب منها؛ لأن لذلك أثرا في إنفاذ الوصية في مقدار ثلث الحاضر دون الغائب، ويوقف الباقي حتى يرجع الغائب من التركة، والغالب أن السائل لا يستطيع معرفة تفاصيل ذلك، والمخرج عندئذ أن يرفع الأمر للقضاء، للبحث والتحري وإنفاذ الوصية على الوجه الشرعي، جاء في (الموسوعة الفقهية): إذا كانت موجودات التركة كلها مالا حاضرا، لا غائب منها، ولا دين للموصي على أحد، تنفذ الوصية من جميع المال... أما إن كان بعض مال التركة حاضرا، وبعضها ديونا أو مالا غائبا، فإن تنفيذ الوصية يختلف بحسب الأحوال... فإن كان الموصى به عينا معينة، كدار معينة أو نقود معينة كهذه النقود، أو النقود الوديعة عند فلان، فمذهب الحنفية والشافعية والحنابلة أن الموصى له يأخذ من العين المعينة بمقدار ثلث المال الحاضر، ويكون الباقي من تلك العين موقوفا، فإذا حضر شيء من المال الغائب كان باقي العين ملكا للورثة، لأن الوصية تعلقت بهذه العين، فتنفذ فيها الوصية ما دام التنفيذ ممكنا، تنفيذا لإرادة الموصي، ويظل باقي العين موقوفا إلى أن يتبين أمر المال الغائب، فإذا حضر نفذت الوصية في العين كلها، وإن لم يحضر كان الباقي للورثة. اهـ. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 121432.
وهذا باعتبار أن الصدقة علقت بالموت، أما لو أمر صاحب المال بإخراج الصدقة حالا، ثم مات قبل إخراجها كلها أو بعضها، فإن ما بقي منها في يد الوكيل يُردُّ إلى التركة. فقد سئل الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ عن الصدقة: إذا أعطى رجل لرجل دراهم يتصدق بها فلم ينفذ تلك الصدقة حتى مات صاحب الصدقة؟ قال: يرد ما بقي منها إلى ورثته. اهـ.
قال الخلال (كما في المسائل): قلت: فإن أخرج فدفعه إلى رجل يتصدق به فلم يتصدق به حتى مات الدافع؟ قال: يرجع إلى ورثته؛ لأن هذا لم يتصدق به فهو ملك له، فما أنفذ منه فقد مضى، وما بقي منه رجع إلى ورثته. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني