الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط الحجر على السفيه، ومن يقوم به

السؤال

هل يجوز تأخير وارث من أخذ حقه خوفا عليه من أن يضيع ماله، فورثه معلوم، ولكن أمه تحفظه له إلى أن يستقيم حاله ويتزوج؟
وسؤال آخر: الوارث هذا أخذ مالا كثيرا في حياة أبيه دون إخوته، وهذا المال كان يدفع له لإخراجه من أزمات مادية مثل شيكات بدون رصيد وغيرها. ما موقف هذا المال الذي كان يأخذه دون إخوته؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز تأخير إعطاء واحد من الورثة نصيبه من الميراث إذا كان بالغا رشيدا صالحا للتصرف في ماله، وأما السفيه فلا يُمكَّن من ماله حتى يؤنس منه الرشد، كما قال الله تعالى: وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا * وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ {النساء:5-6}

قال ابن المنذر: أكثر علماء الأمصار من أهل الحجاز والعراق والشام ومصر يرون الحجر على كل مضيع لماله صغيراً كان أو كبيراً. انتهى.
وقال ابن قدامة: قال أكثر أهل العلم: الرشد الصلاح في المال، والإنسان إذا كان ينفق ماله في المعاصي كشراء الخمر وآلات اللهو، أو يتوصل به إلى الفساد، فهو غير رشيد لتبذيره ماله، وتضييعه إياه في غير فائدة. انتهى.

فإذا كان الولد سفيها فيحجر عليه، ولا يمكن من تبذير وإضاعة ماله؛ لكن الأم ليس لها حق الحجر؛ لأن السفيه لا يحجر عليه إلا الحاكم، أو من جعله الحاكم وصيا عليه. قال ابن قدامة في المغني: ولا يحجر عليه إلا الحاكم ..... إلى آخر كلامه. فإن لم يوجد حاكم أو لم يقم بدوره، فقد ذكرنا بالفتوى رقم : 37683. أنه يتولى أمره أحد الأمناء من أقاربه أو غيرهم.

فعلى أم هذا السفيه أو من يعنيهم أمره أن يرفعوا القضية إلى القاضي إن وجد، أو من يقوم مقامه من جماعة المسلمين إن لم يوجد؛ حتى لا يضيع ماله أو يستعين به على المعاصي، ولا ننصحهم بالاستبداد بمنعه من ماله إن طلبه إلا إذا أمنوا حدوث مفسدة من جانبه أعظم من مفسدة إضاعة المال إن منعوه من ماله .
وأما ما أخذه الولد من مال الوالد أو صرف في شؤونه، فلا يؤثر على حصته من الميراث. ثم إن كان الوالد أعطاه له ليساعده في حل مشكلة أو أزمة نزلت به، فلا تنافي ما جاء من العدل بين الأولاد في العطية، لأن العدل المطلوب شرعا في غير ما يكون دفعا للحاجة، فأما ما كان دفعا للحاجة فإنه يعطى كل إنسان مقدار حاجته. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لو احتاج أحد الأبناء إلى زواج فزوجه فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى هذا لزواجه، ولكن يجب عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج وأرادوا أن يتزوجوا أن يزوجهم كما زوج الأول... انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني