الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من لم يجد ماء كافيا للوضوء، ومن لم يجده

السؤال

كيف يصلي المسلم في حالة يتعذر فيها الجمع وعدم استيفاء الشروط مثل استقبال القبلة والوضوء أو التيمم كالمسافر في الطائرة لعدة ساعات متواصلة. فمثلا حان وقت صلاة الفجر ولا يوجد ماء كاف للوضوء ولا مجال للتيمم ولو صلى لا يمكنه استقبال القبلة، والفقهاء لا يجيزون صلاة الفرض بدون استقبال القبلة وإن كانوا يجيزون النوافل.
فالسؤال هل يصلي بقدر المستطاع حيث لا يكلف الله نفسا إلا وسعها؟ أم يصلي بعد انتهاء سفره قضاء؟
أفيدونا أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن حكم الصلاة في الطائرة قد جاء مفصلاً في الفتوى رقم: 381، والفتوى رقم: 1173. أما بالنسبة لمن لم يجد ماء كافيًّا لوضوئه.. فإن قصد أن الماء الذي وجده قليلاً لا يكفي لغسل أعضاء الوضوء كلها فيجب استعماله؛ لأن ذلك هو ما يستطيعه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: وإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه. قال الشوكاني في نيل الأوطار: فَلَكَ الِاسْتِدْلَال بِالْحَدِيثِ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ كُلِّ مَا خَرَجَ عَنْ الطَّاقَةِ , وَعَلَى وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِمَا دَخَلَ تَحْتَ الِاسْتِطَاعَةِ مِنْ الْمَأْمُورِ بِهِ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مُجَرَّدُ خُرُوجِ بَعْضِهِ عَنْ الِاسْتِطَاعَةِ مُوجِبًا لَلْعَفْوِ عَنْ جَمِيعِهِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَلَى وُجُوبِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الَّذِي يَكْفِي لِبَعْضِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ. وإن كان المقصود أنه لم يجد ماء فإن وجد صعيدًا كتراب أو حجارة وجب استعماله؛ لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ[المائدة:6] فإن لم يجد الصعيد أيضًا فإنه يصلي بدون طهارة نظرًا لضرورته. ودليل ذلك ما أخرجه الشيخان عن عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسًا في طلبها، فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه فنزلت آية التيمم. فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكر على هؤلاء ما فعلوا ولم يثبت أنه أمرهم بالإعادة، فدل ذلك على صحة ما فعلوا؛ لأن التيمم في ذلك لم يكن قد شرع، والطهارة المشروعة حينئذ هي الوضوء. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني