الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى قول آدم لحواء: "إليك عني، إنما أتيت من قبلك، فخلي بيني وبين ملائكة ربي"؟

السؤال

ما معنى قول آدم لحواء: "إليك عني، إنما أتيت من قبلك، فخلي بيني وبين ملائكة ربي"؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن معنى: "إليك عني": تنحي عني، وابتعدي مني، ففي لسان العرب: قال سيبويه: وقالوا: إليك، إذا قلت: تنح، قال: وسمعنا من العرب من يقال له: إليك، فيقول: إلي، كأنه قيل له: تنح، فقال: أتنحى، ولم يستعمل الخبر في شيء من أسماء الفعل إلا في قول هذا الأعرابي، وفي حديث الحج: وليس ثم طرد ولا إليك إليك، قال ابن الأثير: هو كما تقول: الطريق الطريق، ويفعل بين يدي الأمراء، ومعناه: تنح، وابعد، وتكريره للتأكيد. اهـ.

والمراد بالتخلية بينه وبين الملائكة أنها لا تحول بينه وبينهم، ففي الأثر أنها عرفتهم، فلاذت بآدم، ومن خلال سياق القصة يفهم الناظر إليها المعنى فهمًا كاملًا، فقد قال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: وعن عتي قال: رأيت شيخًا بالمدينة يتكلم، فسألت عنه، فقالوا: هذا أبي بن كعب، فقال: إن آدم صلى الله عليه وسلم حضره الموت، فقال لبنيه: أي بني، إني أشتهي من ثمار الجنة، فذهبوا يطلبون له، فاستقبلتهم الملائكة، معهم أكفانه، وحنوطه، ومعهم الفؤوس، والمساحي، والمكاتل، فقالوا: يا بني آدم، ما تريدون، وما تطلبون؟ أو: ما تريدون؟ وأين تذهبون؟ قالوا: أبونا مريض، فاشتهى من ثمار الجنة، قالوا لهم: ارجعوا، فقد قضي أبوكم، فجاءوا، فلما رأتهم حواء عرفتهم، فلاذت بآدم، فقال: إليك عني، فإنما أتيت من قبلك، خلي بيني وبين ملائكة ربي تبارك وتعالى، فقبضوه، وغسلوه، وكفنوه، وحنطوه، وحفروا له، ولحدوا له، فصلوا عليه، ثم دخلوا قبره، فوضعوه في قبره، ووضعوا عليه اللبن، ثم خرجوا من القبر، ثم حثوا عليه، ثم قالوا: يا بني آدم، هذه سنتكم. رواه عبد الله بن أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير عتي بن ضمرة، وهو ثقة. اهـ.

ومعنى قوله: "إنما أتيت من قبلك": لعله إشارة إلى ما يُذكر من أن حواء حرضت آدم على الأكل من الشجرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني