الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام تغسيل الرجل لزوجته المتوفاة، وتغسيلها له

السؤال

أريد أن أعلم جوابا لهذه المسألة وفق مذهب الحنفية: إذا ماتت زوجة رجل فتزوج أختها فورا قبل تغسيلها ودفنها، فهل يجوز له أن يتولى تغسيلها وكشف عورتها أثناء تغسيلها؟ وإذا كان عكس ذلك: أي أن امرأة توفي عنها زوجها وهي حامل، وبعد موته بلحظات ولدت فخرجت من عدتها قبل غسله أو دفنه، فعقد عليها أخو الزوج المتوفى، فهل يجوز لها أن تغسل الزوج الأول وتنظر إلى عورته؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أولا أن أهل العلم كانوا يكرهون السؤال عما لم يحصل، وانظر الفتوى رقم: 276943.

وعلى كل حال، فإن الحنفية لا يرون تغسيل الرجل لزوجته المتوفاة، ولا يرون تغسيل الزوجة لزوجها إذا انتهت عدتها أو بانت منه، فأحرى إذا تزوجت غيره، قال السرخسي في المبسوط: ولو ماتت امرأة بين الرجال وفيهم زوجها لم يكن له أن يغسلها عندنا... اهـ.

وقال الكاساني في بدائع الصنائع: إذا مات رجل في سفر فإن كان معه رجال يغسله الرجل, وإن كان معه نساء لا رجل فيهن, فإن كان فيهن امرأته غسلته وكفنته وصلين عليه وتدفنه, أما المرأة فتغسل زوجها، لما روي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: لو استقبلنا من الأمر ما استدبرنا لما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه ـ ومعنى ذلك أنها لم تكن عالمة وقت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بإباحة غسل المرأة لزوجها, ثم علمت بعد ذلك، وروي أن أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ أوصى إلى امرأته أسماء بنت عميس أن تغسله بعد وفاته, وهكذا فعل أبو موسى الأشعري، ولأن إباحة الغسل مستفادة بالنكاح فتبقى ما بقي النكاح, والنكاح بعد الموت باق إلى وقت انقطاع العدة, بخلاف ما إذا ماتت المرأة حيث لا يغسلها الزوج، لأن هناك انتهى ملك النكاح لانعدام المحل, فصار الزوج أجنبيا، فلا يحل له غسلها واعتبر بملك اليمين حيث لا ينتفي عن المحل بموت المالك, ويبطل بموت المحل فكذا هذا, وهذا إذا لم تثبت البينونة بينهما في حال حياة الزوج, فأما إذا ثبتت بأن طلقها ثلاثا, أو بائنا ثم مات وهي في العدة لا يباح لها غسله، لأن ملك النكاح ارتفع بالإبانة، وكذا إذا قبلت ابن زوجها, ثم مات وهي في العدة، لأن الحرمة ثبتت بالتقبيل على سبيل التأبيد فبطل ملك النكاح ضرورة، وكذا لو ارتدت عن الإسلام ـ والعياذ بالله ـ ثم أسلمت بعد موته، لأن الردة توجب زوال ملك النكاح، ولو طلقها طلاقا رجعيا ثم مات وهي في العدة لها أن تغسله، لأن الطلاق الرجعي لا يزيل ملك النكاح، وأما إذا حدث بعد وفاة الزوج ما يوجب البينونة لا يباح لها أن تغسله عندنا... وأما المرأة فنقول: إذا ماتت امرأة في سفر فإن كان معها نساء غسلنها، وليس لزوجها أن يغسلها عندنا، خلافا للشافعي. اهـ.

وقال الحصكفي في الدر المختار: ويمنع زوجها من غسلها ومسها لا من النظر إليها على الأصح..... وهي لا تمنع من ذلك، ولو ذمية بشرط بقاء الزوجية، بخلاف أم الولد والمدبرة والمكاتبة، فلا يغسلونه ولا يغسلهن على المشهور، والمعتبر في الزوجية صلاحيتها لغسله حالة الغسل لا حالة الموت، فتمنع من غسله لو بانت قبل موته، أو ارتدت بعده ثم أسلمت، أو مست ابنه بشهوة، لزوال النكاح، وجاز لها غسله لو أسلم زوج المجوسية فمات فأسلمت بعده لحل مسها حينئذ اعتبارا بحالة الحياة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني