الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاسترعاء ، مخرج شرعي للمكرَه على الطلاق

السؤال

أنا رجل مسلم عمري 36 سنة متزوج ولدي 3 أولاد ولأني مسافر إن شاء الله إلى دولة أجنبية (أوروبية) فقد اضطررت للزواج من مسلمة تقيم هناك حماية لنفسي من الفتنة ولكن زوجتي المصرية مصممة على أن أطلق الزوجة الأخرى (الأجنبية) قبل سفري وإلا ستطلب الطلاق أو الخلع طبقا للقوانين المصرية وأنا لا أستطيع طلاق الزوجة الثانية حماية لنفسي من الفتنة ولأني سأضطر إلى التواجد بمنزلها لأنه لا دار لي هناك أريد أن أتمسك بأم الأولاد حماية لهم ولا أريد طلاق الثانية لأنها إنسانة ملتزمة ومتدينة وحماية لنفسي فهل لي من مخرج شرعي من هذا المأزق؟ جزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقبل الإجابة على سؤال السائل الكريم ننبهه إلى أن السفر إلى بلاد الكفار لا يجوز إلا لضرورة أو مصلحة شرعية معتبرة، ولتفاصيل ذلك وأدلته نحيلك إلى الفتوى رقم: 1818. وبخصوص السؤال، فإن الشارع الكريم جعل الطلاق بيد الرجل، وفي ذلك من الحِكْمةِ ومصلحة الطرفين ما لا يخفى على المتأمل العاقل، ولا عبرة بما تقرره القوانين الوضعية في جعل الأمر بيد المرأة، فالحقُّ أحقًّ أن يُتبع. وقد ذمَّ الشرع الطلاق، وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: إنه أبغض الحلال إلى الله تعالى رواه أبو داود وابن ماجه. فلا يلجأ إلى الطلاق أو الخلع إلا في حالة الضرورة وعدم الوفاق، وإذا تعسف الرجل في حقه وأضر بالمرأة، أو كرهته بسبب نقص في دينه وخلقه، فقد شرع لها الإسلام طلب الفراق ولو بالخلع. وأما المخرج الشرعي لما أنت فيه، فهو أنك إذا كنت مضطراً للبقاء بالفعل مع تلك المرأة الأجنبية، ومضطراً للبقاء مع أم أولادك، فبإمكانك أن تستخدم ما يسمى عند الفقهاء بالاسترعاء، وهو إيداع الشهادة عند شهود أربعة عند بعض أهل العلم، واثنان عند الجمهور، على أنك إن طلقت زوجتك أنك مضطر لذلك وهو غير واقع. قال ابن فرحون المالكي في التبصرة: الاسترعاء يجري في كل تطوع كالعتق، والتدبير والطلاق، والتحبيس والهبة... ولا يلزمه أن يفعل شيئاً من ذلك، وإن لم يعلم السبب إلا بقوله، مثل أن يشهد إن طلقت فإنما أطلق خوفاً من أمرٍ أتوقعه من جهة كذا، أو حلف بالطلاق، وكان أَشْهدَ أني إن حلفت بالطلاق فإنما هو لأجل إكراه، ونحو ذلك... وشرط الاسترعاء تقدمه على الفعل، وتجزئ فيه شهادة شاهدين، وكلما كان الشهود أكثر كان أفضل، واشترط ابن الماجشون أربعة شهود. انتهى ملخصاً من تبصرة الحكام لابن فرحون. وعلى هذا، فإن بإمكانك أن تشهد الشهود -استرعاء- بأنك ستطلق زوجتك الأجنبية أمام أم أولادك أو العكس، وأن ذلك غير ماضٍ، لأنك مضطر لذلك. وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 18131. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني