الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموازنة بين بر الأم وحقوق الزوج

السؤال

شيخي الفاضل:
توفي والدي قبل فترة وجيزة من الزمان، وكان بالنسبة لي ليس فقط والدي، وإنما هو صديقي، دخلت بعد وفاته في مرحلة اكتئاب، وتعالجت منها، ولله الحمد، علاقتي بوالدتي ليست كما يجب، فلا أحب أن أحكي لها، كما كنت أحكي لوالدي، فكان رأيه سديدا، ولكن والدتي دائما تتحيز، وتغضب، وتأخذ الأمور من منظورها الشخصي.
أحاول بكل الطرق لإرضائها، وعمل كل ما تحتاجه، ولكنها لا ترى أنني أبذل شيئا لأجلها. حياتي الزوجية تأثرت سلبا بسبب بياتي في منزلها. أصبح زوجي كثير الخروج والتعليق على عدم تواجدي في المنزل. مشكلتي معها هي أنها لا تذكرني بخير أبدا؛ على الرغم من كل ما أفعله معها. وزوجي منعني من المبيت، وأكتفي بزياراتي الأسبوعية، أحاول جاهدة كسب الطرفين، ولكنني تعبت، أمي لا ترى مني شيئا رغم كل التضحيات التي أقدمها، ولا تذكر لي معروفا أبدا.
لا أعرف ماذا أفعل معها.
أفيدوني بالرأي السديد، فأنتم بمثابة والدي الذي أستشيره في كل أمور حياتي، وذهب وتركني أحارب الحياة وحدي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك برّ أمّك، فإنّ حقها عليك عظيم، لكن لا يجوز أن تبريها بتضييع حقّ زوجك عليك، فحقّ زوجك مقدم على حقها عند التعارض، ففي مستدرك الحاكم عن عائشة، رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله؛ أي الناس أعظم حقا على المرأة؟ قال: «زوجها» قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟ قال: «أمه».
وقال ابن تيمية (رحمه الله): الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا، وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ. مجموع الفتاوى - (32 / 261)
فلا يجوز لك المبيت عند أمّك دون إذن زوجك، وإذا كانت أمّك لا تجد من يبيت معها ويرعاها، فرعايتها واجبة على أولادها جميعاً، بأنفسهم، أو باستئجار خادمة ونحو ذلك.
والمقصود أنّ عليك أن توازني بين برّ أمّك والقيام بحقّ زوجك، فلا تقصري في حق زوجك، وبري أمّك قدر استطاعتك، وإذا قمت بما عليك نحوها، فلا يضرك حينئذ عدم اعترافها ببرّك، وعدم ذكرك بخير.
لكن ينبغي أن تجتهدي في استرضائها وإلانة الكلام لها، ونحو ذلك من الأمور التي تجلب المودة، واستعيني بالله، ولا تعجزي، وأبشري بخير ببركة برّك بأمّك، فإنّه من أرجى الأعمال التي يحبها الله.
ولمزيد الفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني